والرَّجَاف : البحر، سُمي به لاضطرابه.
قال الشاعر :
المُطعِمون اللّحم كلّ عشيّة...
حتى تَغيب الشمسُ في الرَّجاف
والأرجاف : واحدُ أراجيف الأخبار.
وقد أرجَفوا في الشيء، أي خاضوا فيه.
قال الشاعر :
فإنا وإن عيّرتمونا بقتله...
وأرجف بالإسلام باغٍ وحاسدُ
وقال آخر :
أبالأراجيف يا ابن اللؤم توعِدني...
وفي الأراجيف خِلت اللؤمُ والخور
فالإرجاف حرام، لأن فيه إذاية.
فدلّت الآية على تحريم الإيذاء بالإرجاف.
الثانية : قوله تعالى :﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ﴾ أي لنسلطنّك عليهم فتستأصلهم بالقتل.
وقال ابن عباس : لم ينتهوا عن إيذاء النساء وأن الله عز وجل قد أغراه بهم.
ثم إنه قال عز وجل :﴿ وَلاَ تُصَلِّ على أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ على قَبْرِهِ ﴾ [ التوبة : ٨٤ ] وإنه أمره بلعنهم، وهذا هو الإغراء ؛ وقال محمد بن يزيد : قد أغراه بهم في الآية التي تلي هذه مع اتصال الكلام بها، وهو قوله عز وجل :﴿ أَيْنَمَا ثقفوا أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً ﴾.
فهذا فيه معنى الأمر بقتلهم وأخذهم ؛ أي هذا حكمهم إذا كانوا مقيمين على النفاق والإرجاف.
وفي الحديث عن النبيّ ﷺ :" خمس يُقتلن في الحِلّ والحَرَم "
فهذا فيه معنى الأمر كالآية سواء.
النحاس : وهذا من أحسن ما قيل في الآية.
وقيل : إنهم قد انتهوا عن الإرجاف فلم يُغر بهم.
ولام "لَنُغْرِيَنَّكَ" لام القسم، واليمين واقعة عليها، وأدخلت اللام في "إن" توطئة لها.
الثالثة : قوله تعالى :﴿ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ ﴾ أي في المدينة.
﴿ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ نصب على الحال من الضمير في "يُجَاوِرُونَكَ" ؛ فكان الأمر كما قال تبارك وتعالى ؛ لأنهم لم يكونوا إلا أقلاء.
فهذا أحد جوابي الفرّاء، وهو الأولى عنده، أي لا يجاورونك إلا في حال قلتهم.