الثاني : قال أنس :" كنا يوماً جالسين عند النبي ﷺ فقال : يطلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من أهل الجنة، فطلع رجل من الأنصار ينظف لحيته من وضوئه وقد علق نعليه في شماله فسلم، فلما كان الغد قال عليه السلام مثل ذلك فطلع ذلك الرجل، وقال في اليوم الثالث مثل ذلك فطلع ذلك الرجل، فلما قام النبي عليه السلام تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال : إني تأذيت من أبي فأقسمت لا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تذهب بي إلى دارك فعلت، قال : نعم، فبات عنده ثلاث ليال فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه إذا انقلب على فراشه ذكر الله ولا يقوم حتى يقوم لصلاة الفجر، غير أني لم أسمعه يقول : إلا خيراً، فلما مرت الثلاث وكدت أن أحتقر عمله، قلت : يا عبد الله لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجر، ولكني سمعت رسول الله ﷺ يقول كذا وكذا، فأردت أن أعرف عملك، فلم أرك تعمل عملاً كثيراً، فما الذي بلغ بك ذاك ؟ قال : ما هو إلا ما رأيت.
فلما وليت دعاني فقال : ما هو إلا ما رأيت غير أني لم أجد على أحد من المسلمين في نفسي عيباً ولا حسداً على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله : هي التي بلغت بك وهي التي لا تطاق " الثالث : قال عليه السلام :" دب إليكم داء الأمم قبلكم، الحسد والبغضاء والبغضة هي الحالقة، لا أقول حالقة الشعر ولكن حالقة الدين " الرابع : قال :" إنه سيصيب أمتي داء الأمم، قالوا : ما داء الأمم ؟ قال : الأشر والبطر والتكاثر والتنافس في الدنيا والتباعد والتحاسد حتى يكون البغي ثم الهرج " الخامس : أن موسى عليه السلام لما ذهب إلى ربه رأى في ظل العرش رجلاً يغبط بمكانه وقال : إن هذا لكريم على ربه فسأل ربه أن يخبره باسمه فلم يخبره باسمه وقال : أحدثك من عمله ثلاثاً : كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، وكان لا يعق والديه ولا يمشي بالنميمة.


الصفحة التالية
Icon