" فوائد لغوية وإعرابية "
قال السمين :
﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (٦٠) ﴾
قوله :﴿ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ : أي : إلاَّ زماناً قليلاً، أو إلاَّ جِواراً قليلاً. وقيل :" قليلاً " نصبٌ على الحال مِنْ فاعل " يُجاوِرونك " أي : إلاَّ أَقِلاَّءَ أَذِلاَّء بمعنى : قليلين. وقيل :" قليلاً " منصوبٌ على الاستثناء أي : لا يُجاوِرُكَ إلاَّ القليلُ منهم على أذلِّ حالٍ وأقلِّه.
قوله :﴿ مَّلْعُونِينَ ﴾ : حالٌ مِنْ فاعل " يُجاوِرونك " قاله ابن عطية والزمخشري وأبو البقاء. قال ابن عطية :" لأنه بمعنى يَنْتَفُوْن منها ملعونين ". وقال الزمخشري :" دَخَلَ حرفُ الاستثناء على الحالِ والظرفِ معاً كما مَرَّ في قوله :﴿ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى طَعَامٍ غَيْرَ ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ]. قلت : وقد تقدَّم بحثُ الشيخِ معه وهو عائدٌ هنا. وجَوَّزَ الزمخشريُّ أَنْ ينتَصِبَ على الشتمِ. وجَوَّز ابنُ عطية أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ " قليلاً " على أنه حال كما تقدَّم تقريرُه. ويجوزُ أَنْ يكونَ " مَلْعونين " نعتاً ل " قليلاً " على أنه منصوبٌ على الاستثناءِ مِنْ واو " يُجاوِرُوْنَك " كما تقدَّم تقريرُه. أي : لا يُجاورُك منهم أحدٌ إلاَّ قليلاً ملعوناً. ويجوز أَنْ يكونَ منصوباً ب " أُخِذُوا " الذي هو جوابُ الشرطِ. وهذا عند الكسائيِّ والفراء فإنهما يُجيزان تقديمَ معمولِ الجواب على أداةِ الشرط نحو :" خيراً إْن تَأْتِني تُصِبْ ".