الكافر لم يأت بشيء زائد على الحمل فينبغي أن يستحق الأجر على الحمل فنقول الفعل إذا كان على وفق الإذن من المالك الآمر يستحق الفاعل الأجرة، ألا ترى أنه لو قال احمل هذا إلى الضيعة التي على الشمال فحمل ونقلها إلى الضيعة التي على الجنوب لا يستحق الأجرة ويلزمه ردها إلى الموضع الذي كان فيه كذلك الكافر حملها على غير وجه الإذن فغرم وزالت حسناته التي عملها بسببه.
﴿ لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ ﴾
أي حملها الإنسان ليقع تعذيب المنافق والمشرك، فإن قال قائل لم قدم التعذيب على التوبة نقول لما سمى التكليف أمانة والأمانة من حكمها اللازم أن الخائن يضمن وليس من حكمها اللازم أن الأمين الباذل جهده يستفيد أجرة فكان التعذيب على الخيانة كاللازم والأجر على الحفظ إحسان والعدل قبل الإحسان وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
لم عطف المشرك على المنافق، ولم يعد اسمه تعالى فلم يقل ويعذب الله المشركين وعند التوبة أعاد اسمه وقال ﴿ويتوب الله﴾ ولو قال ويتوب على المؤمنين كان المعنى حاصلاً ؟ نقول أراد تفضيل المؤمن على المنافق فجعله كالكلام المستأنف ويجب هناك ذلك الفاعل فقال :﴿وَيَتُوبَ الله﴾ ويحقق هذا قراءة من قرأ ( ويتوب الله ) بالرفع.
المسألة الثانية :
ذكر الله في الإنسان وصفين الظلوم والجهول وذكر من أوصافه وصفين فقال :﴿وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً﴾ أي كان غفوراً للظلوم ورحيماً على الجهول، وذلك لأن الله تعالى وعد عباده بأنه يغفر الظلم جميعاً إلا الظلم العظيم الذي هو الشرك كما قال تعالى :﴿إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [ لقمان : ١٣ ] وأما الوعد فقوله تعالى :﴿إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء﴾ [ النساء : ٤٨ ] وأما الرحمة على الجهل فلأن الجهل محل الرحمة ولذلك يعتذر المسيء بقوله ما علمت.