قوله تعالى :﴿ إِنَّ الذين يُؤْذُونَ الله ﴾ يعني بمعصيتهم إيّاه ومخالفتهم أمره. وقال عكرمة : هم أصحاب التصاوير الذين يرومون تكوين خلق مثل خلق الله عزّ وجلّ، وفي بعض الأخبار يقول الله جلّ جلاله : ومَن أظلم ممّن أراد أنْ يخلق مثل خلقي فليخلق حبّة أو ذرّة، وقال ( عليه السلام ) : لعن الله المصوّرين. وقال ابن عبّاس : هم اليهود والنصارى والمشركون، فأمّا اليهود فقالوا : يد الله مغلولة وقالوا : إنَّ الله فقير. وقالت النصارى : المسيح ابن الله وثالث ثلاثة. وقال المشركون : الملائكة بنات الله، والأصنام شركاؤه.
قال قتادة : في هذه الآية ما زال أناس من جهلة بني آدم حتى تعاطوا أذى ربّهم، وقيل : معنى ﴿ يُؤْذُونَ الله ﴾ يلحدون في أسمائه وصفاته، وقال أهل المعاني : يؤذون أولياء الله مثل قوله :﴿ وَسْئَلِ القرية ﴾ [ يوسف : ٨٢ ] وقول رسول الله صلّى الله عليه حين قفل من تبوك فبدا له أُحد : هذا جبل يحبّنا ونحبّه، فحُذف الأهل، فأراد الله تعالى المبالغة في النهي عن أذى أوليائه فجعل أذاهم أذاهُ.
﴿ وَرَسُولَهُ ﴾ قال ابن عبّاس : حين شج في وجهه وكسرت رباعيته وقيل له : شاعر وساحر ومعلّم مجنون. وروى العوفي عنه : أنّها نزلت في الذين طعنوا على النبي ( عليه السلام ) في نكاحه صفيّة بنت حيي بن أخطب، وقيل : بترك سنّته ومخالفة شريعته.
﴿ لَعَنَهُمُ الله فِي الدنيا والآخرة وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً * والذين يُؤْذُونَ المؤمنين والمؤمنات بِغَيْرِ مَا اكتسبوا ﴾ من غير أن عملوا ما أوجب الله أذاهم ﴿ فَقَدِ احتملوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ﴾.