قال الحسن وقتادة : إيّاكم وأذى المؤمن فإنّه حبيب ربّه، أحبَّ الله فأحبّه، وغضب لربّه فغضب الله له، وإنَّ الله يحوطه ويؤذي من آذاه. وقال مجاهد : يعني يقفونهم ويرمونهم بغير ما عملوا. وقال مقاتل : نزلت في عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وذلك أنَّ ناساً من المنافقين كانوا يؤذونه ويسمعونه. وقيل : في شأن عائشة. وقال الضحّاك والسدي والكلبي : نزلت في الزّناة الذين كانوا يمشون في طرق المدينة يتّبعون النساء إذا تبرزنَّ بالليل لقضاء حوائجهنّ، فيرون المرأة فيدنون منها، فيغمزونها، فإنْ سكتت اتّبعوها، وإنْ زجرتهم انتهوا عنها، ولم يكونوا يطلبون إلاّ الأماء، ولم يكن يومئذ تُعرف الحرّة من الأمَةو لأنَّ زيّهن كان واحداً، إنّما يخرجن في درع واحد وخمار الحرّة والأَمَة، فشكون ذلك إلى أزواجهنّ فذكروا ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم. فأنزل الله تعالى :﴿ والذين يُؤْذُونَ المؤمنين والمؤمنات ﴾ ثمّ نهى الحرائر أن يتشبهنّ بالإماء، فقال تعالى :﴿ يا أيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ﴾ أي يرخين أرديتهن وملاحفهن فيتقنّعن بها، ويغطّين وجوههن ورؤوسهن ليُعلم أنّهنّ حرائر فلا يُتعرّض لهنَّ ولا يؤذين.
قوله :﴿ ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ الله غَفُوراً ﴾ لما سلف منهن من ترك السنن ﴿ رَّحِيماً ﴾ بهنّ إذ سترهنّ وصانهنّ. قال ابن عبّاس وعبيدة : أمر الله النساء المؤمنات أنْ يغطّين رؤوسهنّ ووجوههنّ بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة. قال أنس : مرّت جارية بعمر بن الخطّاب متقنّعة فعلاها بالدرّة وقال : يا لكاع أتشبهين بالحرائر؟ ألقي القناع.