ورُوي أن النبي ﷺ أولم على زينب بتمر وسويق وشاة وأمر أنساً أن يدعو بالناس فترادفوا أفواجاً يأكل فوج ويخرج ثم يدخل فوج إلى أن قال يا رسول الله دعوت حتى ما أجد أحداً أدعوه فقال "ارفعوا طعامكم"، وتفرق الناس وبقيء ثلاثة نفر يتحدثون فأطالوا فقام رسول الله ﷺ ليخرجوا فطاف رسول الله ﷺ بالحجرات وسلم عليهن ودعون له ورجع، فإذا الثلاثة جلوس يتحدثون وكان رسول الله ﷺ شديد الحياء فتولى، فلما رأوه متولياً خرجوا فرجع ونزلت ﴿ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فادخلوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فانتشروا ﴾ فتفرقوا ﴿ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ﴾ هو مجرور معطوف على ﴿ ناظرين ﴾ أو منصوب أي ولا تدخولها مستأنسين نهوا عن أن يطيلوا الجلوس يستأنس بعضهم ببعض لأجل حديث يحدث به ﴿ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النبى فَيَسْتَحْيِى مّنكُمْ ﴾ من إخراجكم ﴿ والله لاَ يَسْتَحْىِ مِنَ الحق ﴾ يعني أن إخراجكم حق ما ينبغي أن يستحيا منه.
ولما كان الحياء مما يمنع الحيّي من بعض الأفعال قيل لا يستحيي من الحق أي لا يمتنع منه ولا يتركه ترك الحيي منكم، هذا أدبٌ أدّب اللّه به الثقلاء.
وعن عائشة رضي الله عنها : حسبك في الثقلاء أن الله تعالى لم يحتملهم وقال ﴿ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فانتشروا ﴾.
﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ ﴾ الضمير لنساء رسول الله ﷺ لدلالة بيوت النبي لأن فيها نساءه ﴿ متاعا ﴾ عارية أو حاجة ﴿ فَسْئَلُوهُنَّ ﴾ المتاع ﴿ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ من خواطر الشيطان وعوارض الفتن، وكانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال وكان عمر رضي الله عنه يجب ضرب الحجاب عليهن ويود أن ينزل فيه وقال : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فنزلت.