وذكر أن بعضهم قال : أننهى أن نكلم بنات عمنا إلا من وراء حجاب لئن مات محمد لأتزوّجن فلانة فنزل ﴿ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله وَلاَ أَن تَنكِحُواْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً ﴾ أي وما صح لكم إيذاء رسول الله ﷺ ولا نكاح أزواجه من بعد موته ﴿ إِنَّ ذلكم كَانَ عِندَ الله عَظِيماً ﴾ أي ذنباً عظيماً.
﴿ إِن تُبْدُواْ شَيْئاً ﴾ من إيذاء النبي ﷺ أو من نكاحهن ﴿ أَوْ تُخْفُوهْ ﴾ في أنفسكم من ذلكم ﴿ فَإِنَّ الله كَانَ بِكُلّ شَىْء عَلِيماً ﴾ فيعاقبكم به.
ولما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب : يا رسول الله أو نحن أيضاً نكلمهن من وراء حجاب فنزل ﴿ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِى ءَابَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ إخوانهن وَلاَ أَبْنَاء إخوانهن وَلاَ أَبْنَاء أخواتهن وَلاَ نِسَائِهِنَّ وَلاَ ﴾ أي نساء المؤمنات ﴿ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ﴾ أي لا إثم عليهن في ألا يحتجبن من هؤلاء ولم يذكر العم والخال لأنهما يجريان مجرى الوالدين وقد جاءت تسمية العم أبا قال الله تعالى :﴿ وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ﴾ [ البقرة : ١٣٣ ].
وإسماعيل عم يعقوب، وعبيدهن عند الجمهور كالأجانب.
ثم نقل الكلام من الغيبة إلى الخطاب وفي هذا النقل فضل تشديد كأنه قيل ﴿ واتقين الله ﴾ فيما أمرتن به من الاحتجاب وأنزل فيه الوحي من الاستتار واحتطن فيه ﴿ إِنَّ الله كَانَ على كُلّ شَىْء شَهِيداً ﴾ عالماً.
قال ابن عطاء : الشهيد الذي يعلم خطرات القلوب كما يعلم حركات الجوارح.
﴿ إِنَّ الله وملائكته يُصَلُّونَ عَلَى النبى يا أيّها الذين ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ ﴾ أي قولوا اللهم صل على محمد أو صلى الله على محمد ﴿ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً ﴾ أي قولوا اللهم سلم على محمد أو انقادوا لأمره وحكمه انقياداً.