وقال ابن عطية :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ﴾
اختلف الناس في ﴿ الأمانة ﴾ فقال ابن مسعود هي أمانات المال كالودائع ونحوها، وروي عنه أنه في كل الفرائض وأشدها أمانة المال، وذهبت فرقة، هي الجمهور، إلى أنه كل شيء يؤتمن الإنسان عليه من أمر ونهي وشأن دين ودنيا، فالشرع كله أمانة، قال أبيّ بن كعب من الأمانة أن ائتمنت المرأة على فرجها، وقال أبو الدرداء غسل الجنابة أمانة، ومعنى الآية ﴿ إنا عرضنا ﴾ على هذه المخلوقات العظام أن تحمل الأوامر والنواهي وتقتضي الثواب إن أحسنت والعقاب إن أساءت فأبت هذه المخلوقات وأشفقت، ويحتمل أن يكون هذا بإدراك يخلقه الله لها، ويحتمل أن يكون هذا العرض على من فيها من الملائكة، ويروى أنها قالت " رب ذرني مسخرة لما شئت أتيت طائعة فيه ولا تكلني إلى نظري وعملي ولا أريد ثواباً "، وحمل الإنسان الأمانة أي التزم القيام بحقها، وهو في ذلك ظلوم لنفسه جهول بقدر ما دخل فيه، وهذا هو تأويل ابن عباس وابن جبير، وقال الحسن ﴿ حملها ﴾ معناه خان فيها والآية في الكافر والمنافق.


الصفحة التالية
Icon