يقال : إذا زلّ الثوب عن وجه المرأة أدنى ثوبك على وجهك.
و"من" للتبعيض أي ترخي بعض جلبابها وفضله على وجهها تتقنع حتى تتميز من الأمة، أو المراد أن تتجلببن ببعض ما لهن من الجلابيب وأن لا تكون المرأة متبذلة في درع وخمار كالأمة ولها جلبابان فصاعداً في بيتها، وذلك أن النساء كنّ في أول الإسلام على هجّيراهن في الجاهلية متبذلات تبرز المرأة في درع وخمار لا فضل بين الحرة والأمة، وكان الفتيان يتعرضون إذا خرجن بالليل لقضاء حوائجهن في النخيل والغيطان للإماء، وربما تعرضوا للحرة لحسبان الأمة فأمرن أن يخالفن بزيهن عن زي الإماء بلبس الملاحف وستر الرؤوس والوجوه فلا يطمع فيهن طامع وذلك قوله ﴿ ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ ﴾ أي أولى وأجدر بأن يعرفن فلا يتعرض لهن ﴿ وَكَانَ الله غَفُوراً ﴾ لما سلف منهن من التفريط ﴿ رَّحِيماً ﴾ بتعليمهن آداب المكارم ﴿ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ المنافقون والذين فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾ فجور، وهم الزناة من قوله ﴿ فَيَطْمَعَ الذى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾ ﴿ والمرجفون فِى المدينة ﴾ هم أناس كانوا يرجفون بأخبار السوء عن سرايا رسول الله ﷺ فيقولون هزموا وقتلوا وجرى عليهم كيت وكيت فيكسرون بذلك قلوب المؤمنين.
يقال : أرجف بكذا إذا أخبر به على غير حقيقة لكونه خبراً متزلزلاً غير ثابت من الرجفة وهي الزلزلة ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ﴾ لنأمرنك بقتالهم أو لنسلطنك عليهم ﴿ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا ﴾ في المدينة وهو عطف على ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ ﴾ لأنه يجوز أن يجاب به القسم لصحة قولك لئن لم ينتهوا لا يجاورونك.
ولما كان الجلاء عن الوطن أعظم من جميع ما أصيبوا به عطف ب ﴿ ثُمَّ ﴾ لبعد حاله عن حال المعطوف عليه ﴿ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ زماناً قليلاً.