والمعنى لئن لم ينته المنافقون عن عداوتهم وكيدهم، والفسقة عن فجورهم، والمرجفون عما يؤلفون من أخبار السوء، لنأمرنك بأن تفعل الأفعال التي تسوءهم، ثم بأن تضطرهم إلى طلب الجلاء عن المدينة وإلى أن لا يساكنوك فيها إلا زماناً قليلاً ريثما يرتحلون، فسمي ذلك إغراء وهو التحريش على سبيل المجاز.
﴿ مَّلْعُونِينَ ﴾ نصب على الشتم أو الحال أي لا يجاورنك إلا ملعونين، فالاستثناء دخل على الظرف والحال معاً كما مر ولا ينتصب عن ﴿ أُخِذُواْ ﴾ لأن ما بعد حروف الشرط لا يعمل فيما قبلها ﴿ أَيْنَمَا ثُقِفُواْ ﴾ وجدوا ﴿ أُخِذُواْ وَقُتّلُواْ تَقْتِيلاً ﴾ والتشديد يدل على التكثير ﴿ سُنَّةَ الله ﴾ في موضع مصدر مؤكد أي سن الله في الذين ينافقون الأنبياء أن يقتلوا أينما وجدوا ﴿ فِى الذين خَلَوْاْ ﴾ مضوا ﴿ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلاً ﴾ أي لا يبدل الله سنته بل يجريها مجرى واحداً في الأمم.
﴿ يَسْئَلُكَ الناس عَنِ الساعة ﴾ كان المشركون يسألون رسول الله ﷺ عن وقت قيام الساعة استعجالاً على سبيل الهزء، واليهود يسألونه امتحاناً لأن الله تعالى عمى وقتها في التوراة وفي كل كتاب، فأمر رسوله بأن يجيبهم بأنه علم قد استأثر الله به، ثم بين لرسوله أنها قريبة الوقوع تهديداً للمستعجلين وإسكاناً للممتحنين بقوله ﴿ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ الله وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ الساعة تَكُونُ قَرِيباً ﴾ شيئاً قريباً أو لأن الساعة في معنى الزمان ﴿ إِنَّ الله لَعَنَ الكافرين وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً ﴾ ناراً شديدة الاتقاد ﴿ خالدين فِيهَا أَبَداً ﴾ هذا يرد مذهب الجهمية لأنهم يزعمون أن الجنة والنار تفنيان.
ولا وقف على ﴿ سَعِيراً ﴾ لأن قوله ﴿ خالدين فِيهَا ﴾ حال عن الضمير في ﴿ لَهُمْ ﴾.
﴿ لاَّ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ﴾ ناصراً يمنعهم.


الصفحة التالية
Icon