" ولو أن أوّلكم وآخركم " قال جار الله : خص التسبيح بالذكر من جملة الذكر لفضله على سائر الأذكار ففيه تنزيه عما لا يجوز عليه. ولقائل أن يقول : هذا لا يطابق قوله ﷺ " أفضل الذكر لا إله إلا الله " وجوّز أن يراد بالذكر الكثير الإقبال على العبادات كلها، ويراد بالتسبيح الصلاة، وبالوقتين العموم كما مر، أو صلاة الفجر والعشاءين، لأن أداءها أشق ومراعاتها أشد. ثم حرض المؤمنين على ذكره بأنه أيضاً يذكرهم والصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار، فلعله أراد باللفظ المشترك كلا مفهوميه كما ذهب إليه الشافعي، أو في الكلام حذف أي وملائكته تصلي، أو المراد بصلاة الملائكة هي قولهم : اللهم صل على المؤمنين. جعلوا لاستجابة دعوتهم كأنهم فعلوا الرحمة، أو المراد القدر المشترك وهو العناية بحال المرحوم والمستغفر له. وأصل الصلاة التعطف وذلك أن المصلي يتعطف في ركوعه وسجوده فاستعير لمن يتعطف على غيره وحنوّاً وترؤفاً. ثم بين غاية الصلاة وهي إخراج المكلف من ظلمات الضلال إلى نور الهدى. وفي قوله ﴿ وكان بالمؤمنين رحيماً ﴾ بشارة لجميع المؤمنين وإشارة إلى أن تلك الرحمة لا تخص السامعين وقت الوحي. ومعنى ﴿ تحيتهم يوم يلقونه سلام ﴾ مذكور في أول " يونس " وفي " إبراهيم ". واراد بيوم اللقاء يوم القيامة لأن الخلق مقبلون على الله بكليتهم بخلاف الدنيا. والأجر الكريم هو ما يأتيه عفواً صفواً من غير شوب نغص، ثم إشار إلى ما ينبغي أن يكون النبي ﷺ مع عامة الخلق فقال ﴿ إنا أرسلناك شاهداً ﴾ وهي حال مقدرة أي مقبولاً قولك عند الله لهم وعليهم كما يقبل قول الشاهد العدل، وفيه أن الله تعالى جعل النبي شاهداً على وجوده بل على وحدانيته لأن المدعي هو الذي يذكر شيئاً بخلاف الظاهر والوحدانية أظهر من الشمس فلا ينبغي أن يقال : إن النبي ﷺ مدع لها. بل يقال : إنه شاهد عليها كما قال "