على مثل الشمس فاشهد " وإنه قد جازاه بشهادته لله شهادته على نبوته كما قال ﴿ والله يعلم انك لرسوله ﴾ [ المنافقون : ١ ] والحاصل أنه شاهد في الدنيا بأحوال الآخرة من الجنة والنار والميزان والصراط، وشاهد في الآخرة بأحوال الدنيا من الطاعة والمعصية والصلاح والفساد. وإنما قال ﴿ وداعياً إلى الله بإذنه ﴾ لأن الشهادة للمرء لا تفتقر إلى إذنه وكذلك الإنذار والتبشير إذا قال من يطع الملك أفلح ومن عصاه لم يربح. أما إذا قال : تعالوا إلى سماطه واحضروا على خوانه احتاج إلى رضاه. ويمكن أن يكون قوله ﴿ بإذنه ﴾ متعلقاً بمجموع الأحوال أي بتسهيله أو تيسيره. ووصف النبي عليه السلام بالسراج بأن ظلمات الضلال تنجلي به كما ينجلي ظلام الليل بالسراج، وقد أمدّ الله بنور نبوته نور البصائر كما يمدّ بنور السراج نور الأبصار.
وإنما لم يشبه بالشمس لأن الشمس لا يؤخذ منه شيء ويؤخذ من السراج سرج كثيرة وهم الصحابة والتابعون في المثال ولهذا قال " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " وصفهم بالنجم لأن النجم لا يؤخذ منه شيء، والتابعي لا يأخذ من الصحابي في الحقيقة وإنما يأخذ من النبيّ. ووصف السراج بالإنارة لأن السراج قد يكون فاتراً ومنه قولهم " ثلاثة تضني : رسول بطيء، وسراج لا يضيء، ومائدة ينتظرها من يجيء ". ويجوز أن يكون سراجاً معطوفاً على الكاف ويراد به القرآن، ويجوز أن يكون المعنى وذا سراج أو تالياً سراجاً. قوله ﴿ ودع أذاهم ﴾ أي خذ بظاهرهم وادفع عنهم الأسر والقتل وحسابهم على الله، وإضافة أذاهم يحتمل أن يكون إلى الفاعل وإلى المفعول.


الصفحة التالية
Icon