واختلفوا هل أخرج أحداً منهن عن القسم؟ فقال بعضهم : لم يخرج أحداً منهن عن القسم بل :"كان رسول الله ﷺ مع ما جعل الله له من ذلك يسوى بينهن في القسم، إلا سودة فإنها رضيت بترك حقها من القسم، وجعلت يومها لعائشة" وقيل : أخرج بعضهن.
روى جرير عن منصور عن أبي رزين قال : لما نزلت آية التخيير أشفقن أن يطلقهن فقلن يا رسول الله : اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت ودعنا على حالنا فنزلت هذه الآية فأرجأ رسول الله ﷺ بعضهن، وآوى إليه بعضهن، فكان ممن أوى : عائشة وحفصة وزينب وأم سلمة، وكان يقسم بينهن سواء، وأرجأ منهن خمساً : أم حبيبة وميمونة وسودة وصفية وجويرية، فكان لا يقسم لهن ما شاء، وقال مجاهد :﴿ترجي من تشاء منهن﴾ أي : تعزل من تشاء منهن بغير طلاق، وترد إليك من تشاء بعد العزل بلا تجديد عقد، وقال ابن عباس : تطلق من تشاء منهن وتمسك من تشاء.
وقال الحسن : تترك نكاح من شئت من نساء أمتك. قال : وكان النبي ﷺ إذا خطب امرأة لم يكن لغيره خطبتها حتى يتركها رسول الله ﷺ وقيل : تقبل من تشاء من المؤمنات اللاتي يهبن أنفسهن لك فتؤويها إليك وتترك من تشاء فلا تقبلها، وروى هشام عن أبيه قال :"كانت خولة بنت حكيم من اللاتي وهبن أنفسهن للنبي ﷺ فقالت عائشة : أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل فلما نزلت ترجي من تشاء منهن قلت : يا رسول الله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك" ﴿ذلك﴾ أي : التفويض إلى مشيئتك ﴿أدنى﴾ أي : أقرب ﴿أن﴾ أي : إلى أن ﴿تقر أعينهن﴾ أي : بما حصل لهن من عشرتك الكريمة، وهو كناية عن السرور والطمأنينة ببلوغ المراد ؛ لأن من كان كذلك كانت عينه قارة، ومن كان مهموماً كانت عينه كثيرة التقلب، هذا إذا كان من القرار بمعنى السكون.


الصفحة التالية
Icon