ويجوز أن يكون من القر الذي هو ضد الحر ؛ لأن المسرور تكون عينه باردة، والمهموم تكون عينه حارة، فذلك يقال للصديق : أقر الله تعالى عينك. وللعدو : سخن الله عينك ﴿ولا يحزن﴾ أي : بالفراق وغيره مما يحزن من ذلك ﴿ويرضين﴾ لعلمهن أن ذلك من الله تعالى ﴿بما أتيتهن﴾ أي : من الأجور ونحوها من نفقة وقسم وإيثار وغيرها. ثم أكد ذلك بقوله تعالى :﴿كلهن﴾ أي : ليس منهن واحدة لا هي كذلك ؛ لأن حكم كلهن فيه سواء، إن سويت بينهن وجدن ذلك تفضلاً منك، وإن رجحت بعضهن علمن أنه بحكم الله تعالى فتطمئن نفوسهن، وزاد ذلك تأكيداً لما لذلك من الغرابة بقوله تعالى :﴿والله﴾ أي : بما له من الإحاطة بصفات الكمال ﴿يعلم ما في قلوبكم﴾ أي : الخلائق كلهم، فلا يدع أن يعلم ما في قلوب هؤلاء ﴿وكان الله﴾ أي : أزلاً وأبداً ﴿عليماً﴾ أي : بكل شيء من يطيعه ومن يعصيه ﴿حليماً﴾ لا يعاجل من عصاه بل يديم إحسانه إليه في الدنيا، فيجب أن يتقي لعلمه وحلمه، فعلمه موجب للخوف منه وحلمه مقتضٍ للاستحياء منه، وأخذ الحليم شديدٌ، فينبغي لعبده المحب له أن يحلم عمن يعلم تقصيره في حقه، فإنه سبحانه يأجره على ذلك بأن يحلم عنه فيما علمه منه، ويرفع قدره ويعلي ذكره.
وروى البخاري في التفسير عن معاذ عن عائشة أن رسول الله ﷺ "كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد أن أنزلت هذه الآية ﴿ترجي من تشاء﴾ الآية قلت لها : ما كنت تقولين؟ قالت : كنت أقول له : إن كان ذاك إليَّ فإني لا أريد يا رسول الله أن أوثر عليك أحداً".
ولما أمره الله تعالى بالتخيير وخيرهن واخترن الله ورسوله زاد الله تعالى سرورهن بقوله تعالى: