والثاني : أن المراد بالآية : إِنَّا عرضنا الأمانة على أهل السماوات وأهل الأرض وأهل الجبال من الملائكة، قاله الحسن.
وفي المراد بالإِنسان أربعة أقوال.
أحدها : آدم في قول الجمهور.
والثاني : قابيل في قول السدي.
والثالث : الكافر والمنافق، قاله الحسن.
والرابع : جميع الناس، قاله ثعلب.
قوله تعالى :﴿ إِنَّه كان ظَلوماً جَهولاً ﴾ فيه ثلاثة أقوال.
أحدها : ظَلوماً لنفسه، غِرّاً بأمر ربِّه، قاله ابن عباس، والضحاك.
والثاني : ظَلوماً لنفسه، جَهولاً بعاقبة أمره، قاله مجاهد.
والثالث : ظَلوماً بمعصية ربِّه، جَهولاً بعقاب الأمانة، قاله ابن السائب.
وذكر الزجاج في الآية وجهاً يخالف أكثر الأقوال، وذكر أنَّه موافق للتفسير فقال : إِن الله تعالى ائتمن بني آدم على ما افترضه عليهم من طاعته، وائتمن السماوات والأرض والجبال على طاعته والخضوع له، فأمّا السماوات والأرض فقالتا :﴿ أتَيْنَا طائعِين ﴾ [ فصلت : ١١ ]، وأعلَمنا أن من الحجارة ما يَهْبِط من خَشية الله، وأن الشمس والقمر والنجوم والجبال والملائكة يسجُدون لله، فعرَّفنا اللّهُ تعالى أنَّ السماوات والأرض لم تحتمل الأمانة، لأنها أدَّتها، وأداؤها : طاعة الله وترك معصيته، وكلُّ من خان الأمانة فقد احتملها، وكذلك كلُّ من أثم فقد احتمل الإِثم، وكذلك قال الحسن :﴿ وحملها الإِنسان ﴾ أي : الكافر والمنافق حَمَلاها، أي : خانا ولم يُطيعا ؛ فأمّا من أطاع، فلا يقال : كان ظلوماً جهولاً.
قوله تعالى :﴿ ليعذِّب اللّهُ المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوبَ اللّهُ على المؤمنين والمؤمنات ﴾ قال ابن قتيبة : المعنى : عَرَضْنا ذلك ليظهر نفاقُ المنافق وشِرك المشرك فيعذِّبهم الله، ويظهر إِيمانه المؤمنين فيتوب الله عليهم، أي : يعود عليهم بالرحمة والمغفرة إِن وقع منهم تقصير في الطاعات. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon