وقال القرطبى :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ﴾
لما بيّن تعالى في هذه السورة من الأحكام ما بيّن، أمر بالتزام أوامره.
والأمانة تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال، وهو قول الجمهور.
روى الترمذي الحكيم أبو عبد الله : حدّثنا إسماعيل بن نصر عن صالح بن عبد الله عن محمد بن يزيد بن جوهر عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ :" قال الله تعالى لآدم يا آدم إني عرضت الأمانة على السموات والأرض فلم تطقها فهل أنت حاملها بما فيها فقال وما فيها يا رب قال إن حملتها أُجِرت وإن ضيّعتها عُذّبت فاحتملها بما فيها فلم يلبث في الجنة إلا قدر ما بين صلاة الأولى إلى العصر حتى أخرجه الشيطان منها " فالأمانة هي الفرائض التي ائتمن الله عليها العباد.
وقد اختلف في تفاصيل بعضها على أقوال ؛ فقال ابن مسعود : هي في أمانات الأموال كالودائع وغيرها.
وروي عنه أنها في كل الفرائض، وأشدّها أمانة المال.
وقال أُبَيّ بن كَعْب : من الأمانة أن ائتمنت المرأة على فرجها.
وقال أبو الدرداء : غسل الجنابة أمانة، وأن الله تعالى لم يأمن ابن آدم على شيء من دينه غيرها.
وفي حديث مرفوع :" الأمانة الصلاة " إن شئت قلت قد صلّيت وإن شئت قلت لم أصلّ.
وكذلك الصيام وغسل الجنابة.
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : أوّل ما خلق الله تعالى من الإنسان فرجه وقال هذه أمانة استودعتكها، فلا تلبسها إلا بحق.
فإن حفظتها حفظتك، فالفرج أمانة، والأذن أمانة، والعين أمانة، واللسان أمانة، والبطن أمانة، واليد أمانة، والرجل أمانة، ولا إيمان لمن لا أمانة له.
وقال السدّي هي ائتمان آدم ابنه قابيل على ولده وأهله، وخيانته إياه في قتل أخيه.


الصفحة التالية
Icon