الآية.
ولما بين تعالى للمؤمنين الأدب أكده بما يحملهم على ملاطفة نبيه ﷺ بقوله تعالى :﴿وما كان﴾ أي : وما صح وما استقام ﴿لكم﴾ في حال من الأحوال ﴿أن تؤذوا رسول الله﴾ فله إليكم من الإحسان ما يستوجب به منكم غاية الإكرام والإجلال فضلاً عن الكف عن الأذى فلا تؤذوه بالدخول إلى شيء من بيوته بغير إذنه أو المكث بعد فراغ الحاجة ولا بغير ذلك.
ولما كان قد قصر ﷺ عليهن أحل له غيرهن وقصرهن الله عليه بقوله تعالى :﴿ولا أن تنكحوا﴾ أي : فيما يستقبل من الزمان ﴿أزواجه من بعده﴾ أي : فراقه بموت أو طلاق سواء أدخل بها أم لا ﴿أبداً﴾ زيادة لشرفه وإظهاراً لمزيته، ولأنهن أمهات المؤمنين ولأنهن أزواجه في الجنة، ولأن المرأة في الجنة مع آخر أزواجها كما قاله ابن القشيري، روي أن هذه الآية نزلت في رجل من أصحاب النبي ﷺ قال : لئن قبض رسول الله ﷺ لأنكحن عائشة قال مقاتل بن سليمان : هو طلحة بن عبيد الله فأخبر الله تعالى أن ذلك محرم، وقال :﴿إن ذلكم﴾ أي : الإيذاء بالنكاح وغيره ﴿كان عند الله﴾ أي : القادر على كل شيء ﴿عظيماً﴾ أي : ذنباً عظيماً.
فإن قيل : روى معمر عن الزهري أن العالية بنت ظبيان التي طلقها النبي ﷺ تزوجت رجلاً وولدت له. أجيب : بأن ذلك كان قبل تحريم أزواج النبي ﷺ على الناس وقيل : لا تحرم غير الموطوءة لما روي أن أشعث بن قيس تزوج المستعيذة في أيام عمر فهم برجمهما، فأخبر بأنه ﷺ فارقها قبل أن يمسها فترك من غير نكير، فأما إماؤه ﷺ فيحرم منهن الموطوءات على غيره إكراماً له بخلاف غير الموطوءات وقيل : لا تحرم الموطوءات أيضاً.
ونزل فيمن أضمر نكاح عائشة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم


الصفحة التالية
Icon