انتهى، وفيه بعض حذف.
وقال قوم : الآية من المجاز، أي إذا قايسنا ثقل الأمانة بقوة السموات والأرض والجبال، رأيتهما أنهما لا تطيقها، وأنها لو تكلمت، لأبتها وأشفقت عنها ؛ فعبر عن هذا المعنى بقوله :﴿ إنا عرضنا ﴾ الآية، وهذا كما تقول :" عرضت الحمل على البعير فأباه، وأنت تريد بذلك مقارنة قوته بثقل الحمل، فرأيتها تقصر عنه ؛ ونحوه قول ابن بحر " معنى عرضنا : عارضناها وقابلناها بها.
﴿ فأبين أن يحملنها ﴾ : أي قصرن ونقصن عنها، كما تقول : أبت الصنجة أن تحمل ما قابلها.
﴿ وحملها الإنسان ﴾، قال ابن عباس، وابن جبير : التزم القيام بحقها، والإنسان آدم، وهو في ذلك ظلوم نفسه، جهول بقدر ما دخل فيه.
وقال ابن عباس : ما تم له يوم حتى أخرج من الجنة.
وقال الضحاك، والحسن : وحملها معناه : خان فيها، والإنسان الكافر والمنافق والعاصي على قدره.
وقال ابن مسعود، وابن عباس أيضاً : ابن آدم قابيل الذي قتل أخاه هابيل، وكان قد تحمل لأبيه أمانة أن يحفظ الأهل بعده، وكان آدم مسافراً عنهم إلى مكة، في حديث طويل ذكره الطبري.
وقال ابن إسحاق : عرض الأمانة : وضع شواهد الوحدانية في المصنوعات.
والحمل : الخيانة، كما تقول : حمل خفي واحتمله، أي ذهب به.
قال الشاعر :
إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانة...
وتحمل أخرى أخرجتك الودائع
انتهى.
وليس وتحمل أخرى نصاً في الذهاب بها، بل يحتمل لأنك تتحمل أخرى، فتؤدي واحدة وتتحمل أخرى، فلا تزال دائماً ذا أمانات، فتخرج إذ ذاك.
واللام في ﴿ ليعذب ﴾ لام الصيرورة، لأنه لم يحملها لأن يعذب، لكنه حملها فآل الأمر إلى أن يعذب من نافق وأشرك، ويتوب على من آمن.
وقال الزمخشري : لام التعليل على طريق المجاز، لأن نتيجة حمل الأمانة العذاب، كما أن التأديب في : ضربته للتأديب، نتيجة الضرب.
وقرأ الأعمش : فيتوب، يعني بالرفع، بجعل العلة قاصرة على فعل الحامل، ويبتدىء ويتوب.


الصفحة التالية
Icon