تعالى العليا وعرضها عليهن وإباؤهن وحمل الإنسان كالمذكور آنفاً.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ [ الأحزاب : ٢ ٧ ] تعليل للحمل مشار به إلى قوة استعداده، وقوله سبحانه :﴿ لّيُعَذّبَ ﴾ تعليل للعرض على معنى عرضنا ذلك لتظهر تجلياتنا الجلالية والجمالية، ويشير إلى هذا قول العلامة الطيبي عليه الرحمة : إن الله تعالى خلق الخلق ليكون مظاهر أسمائه الحسنى وصفاته العليا فحامل معنى الكبرياء والعظمة السماوات والأرض والجبال من حيث كونها عاجزة عن حمل سائر الصفات لعدم استعدادها لقبولها ولذلك أبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان لقوة استعداده واقتداره لكونه ظلوماً جهولاً فاختص لذلك من بين سائر المخلوقات بقبول تجلي القهارية والتوابية والمغفرة وشاركها بقبول تجلي الرحمة وله النصيب الأوفر منها لقوة استعداده واقتداره، وهو مشرب صوفي كما لا يخفى وأنا أختار كون الأمانة كل ما يؤتمن عليه ويطلب حفظه ورعايته ولها أفراد كثيرة متفاوتة في جلالة القدر وإن عرضها على تلك الأجرام كان على وجه التخيير لهن في حملها لا الإلزام وأنهن خوطبن في ذلك وعقلن الخطاب والله عز وجل قادر على أن يخلق في كل ذرة من ذرات الكائنات الحياة والعلم كما خلقهما سبحانه في ذوي الألباب بل ذهب الفلاسفة إلى القول بثبوت النفوس والحركة الإرادية للأفلاك بل قال بعضهم نحو ذلك في الكواكب وأثبت الحركة الإرادية ونفي القواسر هناك وأن المراد بالإنسان الجنس وأن قوله تعالى :﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ في موضع التعليل للحمل.


الصفحة التالية
Icon