بتعذيب المنافقين والمشركين، ولَمَا كان في تحمل بعض أفراده دون بعض الأمانةَ حكمة
مناسبة لتصرفات الله تعالى.
فتعريف ﴿ الإنسان ﴾ تعريف الجنس، أي نوع الإِنسان.
والعرض : حقيقته إحضار شيء لآخر ليختاره أوة يقبله ومنه عَرْضُ الحوض على
الناقة، أي عرضه عليها أن تشرب منه، وعرضُ المجنَّدين على الأمير لقبول من تأهل
منهم.
وفي حديث ابن عمر :" عُرِضَتُ على رسول الله وأنا ابن أربع فردني وعُرِضتُ
عليه وأنا ابن خمس عشرة فأجازني ".
وتقدم عند قوله تعالى :﴿ أولئك يعرضون على ربهم ﴾ في سورة هود [ ١٨ ]، وقوله :﴿ وعرضوا على ربك صفاً ﴾ في سورة الكهف [ ٤٨ ].
فقوله :﴿ عرضنا ﴾ هنا استعارة تمثيلية لوضع شيء في شيء لأنه أهل له دون بقية
الشياء، وعدم وضعه في بقية الشياء لعدم تأهلها لذلك الشيء، فشبهت حالة صرف
تحميل الأمانة عن السموات والأرض والجبال ووضعها في الإِنسان بحالة من يعرض شيئاً
على أناس فيرفضه بعضهم ويقبله واحد منهم على طريقة التمثيلية، أو تمثيل لتعلق علم الله
على أناس فيرفضه بعضهم ويقبله واحد منهم على طريقة التمثيلية، أو تمثيل لتعلق علم الله
تعالى بعدم صلاحية السماوات والأرض والجبال الإِناطة ما عبر عنه بالأمانة بها وصلاحيةِ
الإِنسان لذلك، فشبهت حالة تعلق علم الله بمخالفة قابلية السماوات والأرض والجبال
بحمل الأمانة لقابلية الإِنسان ذلك بعرض شيء على اشياء لاستظهار مقدار صلاحية أحد
تلك الأشياء للتلبس بالشيء المعروض عليها.
وفائدة هذا التمثيل تعظيم أمر هذه الأمانة إذ بلغت أن لا يطيق تحملها ما هو أعظم
ما يبصره الناس من أجناس الموجودات.
فتخصيص ﴿ السماوات والأرض ﴾ بالذكر من بين
الموجودات لأنهما أعظم المعروف للناس من الموجودات، وعطف الجبالر على
﴿ الأرض ﴾ وهي منها لأن الجبال أعظم الأجزاء المعروفة من ظاهر الأرض وهي التي


الصفحة التالية
Icon