من العذاب، فيا أكرم الرسل "قُلْ" لهم "إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ" أي لا أرشدكم بخصلة واحدة هي ملاك الأمر وقوامه وهي "أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى " اثنين اثنين "وَفُرادى " واحدا واحدا "ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا" فيما بينكم وبين أنفسكم فتتناظروا وتتحاوروا ثم يعرض كل منكم نتيجة فكره على صاحبه حتى إذا ظهر لكم يقينا من النور الذي يحصل من
مصادمة أفكاركم أنه "ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ" كما تزعمون بادىء الرأي وتعلمون حقا أنه من أكملكم وأعقلكم وأرحمكم و"إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ ٤٦" تعجز عنه قواكم ليس إلا وعرفتم أنه لا يريد إلا نجاتكم منه آمنتم به وصدقتموه إن كان لكم عقول تنتفعون بها، لأنكم ما جرّبتم عليه كذبا طيلة هذه المدة، ومن كان لا يكذب على الناس فهو أجدر أن لا يكذب على اللّه، لا سيما وقد علمتم أنه من أحسن قريش أصلا، وأزكاهم قولا وأعلاهم حسبا، وأصدقهم لهجة، وأوزنهم حلما، وأحدهم ذهنا وأرضاهم رأيا، وأذكاهم نفسا، وأشرفهم نسبا، وأجمعهم لما يحمد عليه ويمدح به، وأبعدهم عما يلام عليه، وهو أرجحهم عقلا، وأوضحهم خطابا، وأقواهم حجة، وأوفاهم برهانا، وأكملهم كتابا، وأنصحهم بيانا، وأعدلهم دليلا، يظهر لكم من هذه الخصال التي لا تنكرون شيئا منها إذ أجمعت كلمتكم على تسميته بالأمين.
إنكم مخطئون بما تصمونه به من الجنون و


الصفحة التالية
Icon