قوله تعالى ﴿ لقد كان لسبإ في مسكنهم ﴾ يقرأ سبأ بالإجراء وتركه وقد ذكرت علله في سورة النمل وفي مساكنهم يقرأ بالتوحيد والجمع فالحجة لمن وحد أنه اجتزأ بالتوحيد من الجمع والحجة لمن جمع أنه جعل كل موضع منهما مسكنا
قوله تعالى ﴿ ذواتي أكل خمط ﴾ أجمع القراء فيه على التنوين إلا أبا عمرو فإنه أضاف فالحجة لمن نون أنه جعل الخمط والأثل بدلا من الأكل وهو هو في المعنى ولذلك كرهوا إضافته لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه والحجة لأبي عمرو أنه جعل الأكل أشياء كثيرة والخمط جنسا من المأكولات فأضاف كما يضيف الأنواع إلى الأجناس والخمط ثمر الأراك فأما أكل فيقرأ بضم الكاف على الأصل وإسكانها تخفيفا
قوله تعالى ﴿ حتى إذا فزع عن قلوبهم ﴾ أجمع القراء على ضم الفاء دلالة على بناء ما لم يسم فاعله إلا ابن عامر فإنه فتحها دلالة على بناء الفعل للفاعل وهو الله عز وجل ومعنى ذلك أن الملائكة لما سمعت صليل الوحي إلى محمد ﷺ بعد الفترة التي كانت بينه وبين عيسى عليه السلام فزعت له خوفا من قيام الساعة فقالوا ﴿ ماذا قال ربكم ﴾ فأجيبوا ﴿ قالوا الحق ﴾ أي قال ربكم الحق
قوله تعالى ﴿ وهل نجازي إلا الكفور ﴾ يقرأبالياء وفتح الزاي وبالنون وكسر الزاي فالحجة لمن قرأه بالياء والفتح أنه جعله فعل ما لم يسم فاعله فرفع لذلك الكفور والحجة لمن قرأه بالنون أنه جعل الفعل لله عز وجل وعداه إلى الكفور فنصبه به
وهل يجيء في الكلام على أربعة أوجه يكون جحدا كقوله ﴿ وهل نجازي إلا الكفور ﴾ ودليل ذلك مجيء التحقيق بعدها وتكون استفهاما كقوله ﴿ هل يسمعونكم إذ تدعون ﴾ ويكون أمرا كقوله ﴿ فهل أنتم منتهون ﴾ ويكون بمعنى قد كقوله تعالى ﴿ هل أتى على الإنسان حين من الدهر ﴾


الصفحة التالية
Icon