وفي موضوع الوحي والرسالة يرد قوله: (وقال الذين كفروا: لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه).. وقوله:(وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا: ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم. وقالوا: ما هذا إلا إفك مفترى، وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم: إن هذا إلا سحر مبين)..
ويرد عليهم بتقرير الوحي والرسالة:(ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق، ويهدي إلى صراط العزيز الحميد)..(وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً. ولكن أكثر الناس لا يعلمون)..
وفي موضوع تقرير القيم يرد قوله:(وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها: إنا بما أرسلتم به كافرون. وقالوا: نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذبين. قل: إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحاً، فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون. والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون)..
ويضرب على هذا أمثلة من الواقع التاريخي في هذه الأرض: قصة آل داود الشاكرين على نعمة الله. وقصة سبأ المتبطرين الذين لا يشكرون. وما وقع لهؤلاء وهؤلاء. وفيه مصداق مشهود للوعد والوعيد.
هذه القضايا التي تعالجها السور المكية في صور شتى، تعرض في كل سورة في مجال كوني، مصحوبة بمؤثرات منوعة، جديدة على القلب في كل مرة. ومجال عرضها في سورة سبأ هذه هو ذلك المجال، ممثلاً في رقعة السماوات والأرض الفسيحة، وفي عالم الغيب المجهول المرهوب. وفي ساحة الحشر الهائلة العظيمة. وفي أعماق النفس المطوية اللطيفة. وفي صحائف التاريخ المعلومة والمجهولة، وفي مشاهد من ذلك التاريخ عجيبة غريبة. وفي كل منها مؤثر موح للقلب البشري، موقظ له من الغفلة والضيق والهمود.