[سورة سبإ (٣٤): آية ٣٣]

وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَ نَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَ جَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٣٣)
وقوله تعالى: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ، إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَ نَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً [٣٣]. وهذه استعارة. والمراد بمكر الليل والنهار: ما يتوقع من مكرهم فى الليل والنهار، فأضاف تعالى المكر إليهما لوقوعه فيهما. وفيه أيضا زيادة فائدة، وهى دلالة الكلام على أن مكرهم كان متصلا غير منقطع فى الليل والنهار، كما يقول القائل:
ما زال بنا سير الليل والنهار حتى وردنا أرض بنى فلان. وهذا دليل على اتصال سيرهم فى الليل والنهار، من غير إغباب، ولا إراحة ركاب.
[سورة سبإ (٣٤): آية ٤٦]
قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَ فُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٤٦)
[و] «١» قوله سبحانه: إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ [٤٦] وهذه استعارة. والمراد أنه عليه السلام بعث ليقدّم الإنذار أمام وقوع العقاب، إزاحة للعلة، وقطعا للمعذرة. وقد تقدمت إشارتنا إلى نظائر هذه الاستعارة فى عدة مواضع من هذا الكتاب.
[سورة سبإ (٣٤): آية ٤٩]
قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ ما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما يُعِيدُ (٤٩)
وقوله سبحانه: قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ ما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما يُعِيدُ [٤٩] وهذه استعارة.
لأن الإبداء والإعادة يكونان فى القول، ويكونان فى الفعل. فأما كونهما فى الفعل فبقوله سبحانه: وَ هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ «٢» وأما كونهما فى القول فإن القائل يقول: سكت فلان فلم يعد ولم يبدئ. أي لم يتكلم ابتداء، ولا أحار جوابا. وهاتان الصفتان يستحيل أن يوصف بهما الباطل- الذي هو عرض من الأعراض- إلا على طريق الاتساع والمجاز.
وإنما المراد أن الحق قوى وظهر، والباطل ضعف واستتر، ولم يبق له بقية يقوى بها
_
(١) ليست هذه الواو بالأصل. وقد نسيها الناسخ.
(٢) سورة الروم. الآية رقم ٢٧.


الصفحة التالية
Icon