بعد ضعفه، ويجبر بعد وهنه. أي ما تقوم «١» له قائمة فى بدء ولا عود. والبدء: الحال الأولى. والعود: الحال الأخرى. وكذلك الإبداء والإعادة.
ويجوز أن يكون لذلك وجه آخر، وهو أن يكون المعنى أن الباطل كان عند غلبة الحق وظهوره بمنزلة الواجم الساكت، والحائر الذاهل، الذي لا قدرة له على الحجاج، ولا قوة له على الانتصار. كقولهم: سكت فما أعاد ولا أبدأ. عند وصف الإنسان بالحيرة، أو غلبة الفكرة.
وقد قيل أيضا فى ذلك وجه آخر يخرج به الكلام عن حيز الاستعارة. وهو أن يكون المراد أن صاحب الباطل لا يبدئ ولا يعيد عند حضور صاحب الحق، ضعفا عن حجاجه، وضلالا عن منهاجه. فجعل المضاف هاهنا فى موضع المضاف إليه. وذلك كثير فى كلامهم.
[سورة سبإ (٣٤): آية ٥٣]
وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَ يَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٣)
وقوله تعالى: وَ يَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ [٥٣] وهذه استعارة.
والمراد بذلك - واللّه أعلم- أنهم يقولون ما لا يعلمون، ويظنون ولا يتحققون. فهم بمنزلة الرامي غرضا بينه وبينه مسافة متباعدة، فلا يكون سهمه أبدا إلا قاصرا عن الغرض، وعادلا عن السّدد. أ هـ ﴿تلخيص البيان صـ ٢٦٦ ـ ٢٦٨﴾

_
(١) فى الأصل: «يقوم».


الصفحة التالية
Icon