فصل فى التفسير الموضوعى للسورة كاملة


قال الشيخ محمد الغزالى :
سورة سبأ
سورة " سبأ " رابعة السور المبدوءة بحمد الله. والحمد كما قلنا ثناء وشكر وتمجيد لله تعالى؟ فهو مالك السموات والأرض وما فيهما، وحصاد هذه الدنيا راجع إليه يبت فيه بعدله ورحمته. وهو صاحب العلم الشامل المحيط " يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ". إنه يعرف كل بذرة توضع فى أعماق التربة وكل ثمرة تخرج، وكل قطرة تنزل من السماء وكل خفقة ريح تصعد إليها. إن أرجاء الكون صفحة واحدة أمامه لا يخفى منها شىء. وعندما تثور عاصفة ترابية، فهو يعلم حركة كل ذرة، واندفاعها إلى أعلى أو أدنى، وأين تستقر! وعندما تثور عاصفة حرارية فى وجه الشمس، فهو يعلم أين تهيج ومتى تهبط، وأثر ذلك فى أنحاء الأثير وعالم الكهرباء والأصوات! على أن هناك عروجا للأرواح والملائكة، ووجودا آخر موارا بالحياة لا ندرى عنه إلا قليلا.. "عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ". وسورة " سبأ " تشبه سورة الفرقان فى أنها استعرضت شبهات الكفار، وردت عليها واحدة واحدة. وأول هذه الشبهات عند كفرة اليوم والأمس استبعاد القيامة " وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم.. ". والحق أن استبعاد البعث غباء شديد. فما يمنع الخالق أن يعيد الخلق؟ هل عجز عنه أولا حتى يعجز عنه أخيرا؟ ومتى أفلت الناس من أصابع القدرة؟ إن الله ينيمهم ويوقظهم ويجيعهم ويشبعهم كل يوم. ولكن العقل الإنسانى قد يعمى عن البديهيات..!! إن البعث حق، ليعرف المختلفون هنا حقيقة ما دار بينهم من خلاف، ويلقى كل امرئ جزاءه.


الصفحة التالية
Icon