وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ﴾ قراءة الأعمش وعاصم بن أبى النجود وأبى عبدالرحمن السُّلَمىّ وأهل المدينة. وقراءة الحسن البصرى (فُرِّغَ) وقراءة مجاهد (حَتّى إِذَا فَزَّعَ) يجعل الفعل لله وأما قول الحسَن فمعنَاه حتى إذا كُشف الفزع عن قولبهم وفُرِّغَت منه. فهذا وجه. ومن قال فُزِّع أو فَزَّع فمعنَاهُ أيضاً: كُشف عنه الفزع (عن) تدلّ عَلَى ذلك كما تقول: قد جُلِّىَ عنك الفزع. والعرب تقول للرجل: إنه لمُغَلَّب وهو غالب، ومغَلَّب وهومغلوب: فمن قال: مغَّلب للمغلوب يقول: هو أبداً مغلوب. ومن قال: مغلّب وهو غالب أراد قول الناس: هو مغلَّب. والمفزَّع يكون جباناً وشجاعاً فمن جَعله شجاعاً قال: بمثله تنزل الأفزاع. ومنْ جعله جباناً فهو بَيّن. أراد: يَفزَع من كلّ شىء.
وقوله: ﴿قَالُواْ الْحَقَّ﴾ فالمعنى فى ذلكَ أنه كان بين نبيّنا وبين عِيسَى صَلى الله عليهمَا وسَلم فَتْرة، فلمّا نزل جبريل على محمدٍ - عليهما السّلام - بالوحى ظنّ أهل السموات أنه قيام السَّاعة. فقال بعضهم: ﴿مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ﴾ فلم يدروا، ولكنهم قالوا: قال الحقّ. ولو قرئ ﴿الْحَقّ﴾ بالرفع أى هو الحقّ كان صَوَاباً. ومن نصب أوقع عَليه القول: قالوا قَالَ الحَقَّ.
﴿ قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾
وقوله: ﴿وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى...﴾