قال المفسّرنَ مَعْناه: وإنا لعلى هدىً وأنتم فى ضَلالٍ مبين، معنى (أو) معنى الواو عندهم. وكذلك هو فى المعْنى. غير أن العربيّة عَلَى غَير ذلكَ: لا تكون (أو) بمنزلة الواو. ولكنها تكون فى الأمر المفوَّض، كما تقول: إن شئت فخذ درهماً أو اثنين، فله أن يأخذ واحداً أو اثنين، وليس له أن يأخذَ ثلاثةً. وفى قَولِ من لا يبصر العربيَّة ويجعَل (أو) بمنزلة الواو يجوز له أن يأخذ ثلاثة ؛ لأنه فى قولهم بمنزلة قولك: خذ درهماً واثنين. والمعنى فى قوله ﴿وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ﴾: إنَا لَضالونَ أو مهتدونَ، وإنكم أيضاً لضالون أو مهتدون، وهو يعلم أن رَسُوله المهتدِى وأن غيره الضَّال: الضالون. فأنت تقول فى الكلام للرجل: إن أحدنا لكاذب فكذّبته تكذيباً غير مَكشوف. وهو فى القرآن وفى كلام العرب كثير: أن يوجّه الكلام إلى أحسن مذاهبه إذا عُرف ؛ كقولك: والله لقد قدم فلان وهو كاذب / ب فيقول العالم: قل: إن شاء الله أو قُلْ فيما أظنّ فيُكَذّبه بأحسن من تصريح التكذيب، ومن كلام العرب أن يقولوا. قاتله الله: ثم يستقبحونها، فيقولونَ: قاتعه وكاتعه. ويقولون جُوعاً دعاء على الرجل، ثم يستقبحُونها فيقولون: جُوداً، وبعضهم: جُوساً. ومن ذلك قولهم: وَيْحك وَوَيْسَكَ، إنما هى ويلْكَ إلاّ أنها دونها بمنزلة ما مَضَى.
﴿ قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لاَّ تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ ﴾
وقوله: ﴿قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ...﴾
ولو قرئت: ميعادٌ يَوْمٌ. ولو كانت فى الكتاب (يوماً) بالألف لجاز، تريد: ميعاد فى يومٍ.
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤْمِنَ بِهَاذَا الْقُرْآنِ وَلاَ بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ﴾


الصفحة التالية
Icon