تعالى (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) وقوله جل قوله (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) الآيتين من آخر سورة عمّ الآتية فالكل إذا ينتظرون كلمة من رب العزة ليتباشروا في إطلاق الناس بالشفاعة حتى أزيل وحتى هنا للغاية ولا غاية بلا مغيا وتكييف المغيا هنا كأن قيل كيف
يمكن استحصال الإذن في ذلك الموقف، العظيم للشافعين، وكيف يكون حال المستشفعين ؟ فقيل يقفون منتظرين وجلين خلف سرادق العظمة والهيبة والجلالة لا يدرون ماذا يوقّع لهم الملك الأعظم على رقعة سؤالهم منه، حتى إذا ذهب الخوف عن قلوبهم فتكون هذه الجملة هي الغاية.
وما ذكرناه من حصول الإذن هي المغيا.
والفزع عبارة عن انقباض النفس ونفار يعتري الإنسان من الشيء المخيف مثل الجزع إلا أنه لا يقال فزعت من اللّه بل خفت وهو من الاضداد تقول فزعت بمعنى خفت وفزعت بمعنى أزيل عني الفزع وفعله يتعدى بعن كما في هذه الآية وبمن إذا كان بمعنى الخوف.
"قالُوا" المشفوع لهم للشافعين "ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا" الشفعاء قال اللّه "الْحَقَّ" أي أذن بالشفاعة وكل قوله حق ويؤذن بهذا قوله جل قوله "وَهُوَ الْعَلِيُّ" على عباده لا يرد سؤالهم "الْكَبِيرُ ٢٣" عن أن يخيب أملهم وهذا من نتيجة كلام الشافعين اعترافا بعلو عظمته عن أن يرد أيديهم صفرا وجليل كبريائه عن أن ييأسهم من فيض رحمته، وما جرينا عليه من هذا التفسير لهذه الآية العظيمة هو المناسب لسياق التنزيل وسباق اللفظ الجليل مما تقدمها.


الصفحة التالية
Icon