النعمة العاجلة وقوله :﴿مالك يَوْمِ الدين﴾ [ الفاتحة : ٤ ] إشارة إلى النعمة الآجلة قرئت في الافتتاح وفي الاختتام، ثم في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
الحمد شكر والشكر على النعمة والله تعالى جعل ما في السموات وما في الأرض لنفسه بقوله :﴿لَّهُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض﴾ ولم يبين أنه لنا حتى يجب الشكر نقول جواباً عنه الحمد يفارق الشكر في معنى وهو أن الحمد أعم فيحمد من فيه صفات حميدة وإن لم ينعم على الحامد أصلاً، فإن الإنسان يحسن منه أن يقول في حق عالم لم يجتمع به أصلاً أنه عالم عامل بارع كامل فيقال له إنه يحمد فلاناً ولا يقال إنه يشكره إلا إذا ذكر نعمه أو ذكره على نعمه فالله تعالى محمود في الأزل لاتصافه بأوصاف الكمال ونعوت الجلال ومشكور ولا يزال على ما أبدى من الكرم وأسدى من النعم فلا يلزم ذكر النعمة للحمد بل يكفي ذكر العظمة وفي كونه مالك ما في السموات وما في الأرض عظمة كاملة فله الحمد على أنا نقول قوله :﴿لَّهُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض﴾ يوجب شكراً أتم مما يوجبه قوله تعالى :
﴿خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأرض﴾ [ البقرة : ٢٩ ] وذلك لأن ما في السموات والأرض إذا كان لله ونحن المنتفعون به لا هو، يوجب ذلك شكراً لا يوجبه كون ذلك لنا.
المسألة الثانية :
قد ذكرتم أن الحمد ههنا إشارة إلى النعمة التي في الآخرة، فلم ذكر الله السموات والأرض ؟ فنقول نعم الآخرة غير مرئية فذكر الله النعم المرئية وهي ما في السموات وما في الأرض، ثم قال :﴿وَلَهُ الحمد فِى الآخرة﴾ ليقاس نعم الآخرة بنعم الدنيا ويعلم فضلها بدوامها وفناء العاجلة ولهذا قال :﴿وَهُوَ الحكيم الخبير﴾ إشارة إلى أن خلق هذه الأشياء بالحكمة والخير، والحكمة صفة ثابتة لله لا يمكن زوالها فيمكن منه إيجاد أمثال هذه مرة أخرى في الآخرة.
المسألة الثالثة :