وقال الآلوسى :
﴿ وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا الساعة ﴾
أرادوا بضمير المتكلم جنس البشر قاطبة لا أنفسهم أو معاصريهم فقط وبنفي إتيانها نفي وجودها بالكلية لا عدم حضورها مع تحقيقها في نفس الأمر، وإنما عبروا عنه بذلك لأنهم كانوا يوعدون بإتيانها، وقيل : لأن وجود الأمور الزمانية المستقبلة لا سيما أجزاء الزمان لا يكون إلا بالإتيان والحضور، وقيل : هو استبطاء لإتيانها الموعود بطريق الهزء والسخرية كقولهم :﴿ متى هذا الوعد ﴾ [ سبأ : ٢٩ ] ؟ والأول أولى، والجملة قيل : معطوفة على ما قبلها عطف القصة على القصة وجعلها حالية غير ظاهر ﴿ قُلْ بلى ﴾ رد لكلامهم وإثبات لما نفوه على معنى ليس الأمر إلا إتيانها، وقوله تعالى :﴿ وَرَبّى لَتَأْتِيَنَّكُمْ ﴾ تأكيد له على أتم الوجوه وأكملها، وجاء القسم بالرب للإشارة إلى أن إتيانها من شؤون الربوبية، وأتى به مضافاً إلى ضميره ﷺ ليدل على شدة القسم، وروى هارون كما قال ابن جني عن طليق قال : سمعت أشياخنا يقرؤون ﴿ ليأتينكم ﴾ بالياء التحتية وخرجت على أن الفاعل ضمير البعث لأن مقصودهم من نفي إتيان الساعة أنهم لا يبعثون، وقيل : الفاعل ضمير ﴿ إِنَّ الساعة ﴾ على تأويلها باليوم أو الوقت.
وتعقبه أبو حيان بأنه بعيد إذ لا يكون مثل هذا إلا في الشعر نحو :
ولا أرض أبقل إبقالها...
وقوله تعالى :﴿ عالم الغيب ﴾ بدل من المقسم به على ما ذهب إليه الحوفي.
وأبو البقاء، وجوز أن يكون عطف بيان، وأجاز أبو البقاء أن يكون صفة له.