فالمعنى إن كان يعزب عنه شيء فهو الذي في كتاب مبين لكن الذي في الكتاب لا يعزب عنه فلا يعزب عنه شيء، وفيه من البعد ما فيه ؛ وقيل : إن المراد بقوله تعالى :﴿ لاَ يَعْزُبُ ﴾ الخ أنه تعالى عالم به والمراد بقوله سبحانه :﴿ إِلاَّ فِى كتاب ﴾ نحو ذلك لأن الكتاب هو علم الله تعالى، والمعنى وما يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء إلا يعلمه ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في علمه فيكون نظير قوله :﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِى ظلمات الأرض وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِى كتاب ﴾ [ الأنعام : ٩ ٥ ] وفيه أنه أبعد مما قبله، وقيل : يعزب بمعنى يظهر ويذهب والعطف على ما سمعت، والمعنى لم يظهر شيء عن الله تعالى بعد خلقه له إلا وهو مكتوب في اللوح المحفوظ، وتلخيصه كل مخلوق مكتوب، وفيه أن هذا المعنى ليعزب غير معروف وإنما المعروف ما تقدم، نعم قال الصغاني في العباب قال : أبو سعيد الضرير يقال ليس لفلان امرأة تعزبه أي تذهب عزبته بالنكاح مثل قولك تمرضه أي تقوم عليه في مرضه ثم قال الصغاني : والتركيب يدل على تباعد وتنح فتفسيره بالظهور بعيد ولئن سلمنا قربه فلأي شيء جمع بين الظهور والذهاب، وقيل إلا بمعنى الواو وهو مقدر في الكلام والكلام قد تم عند ﴿ أَكْبَرَ ﴾ كأنه قيل : لا يعزب عنه ذلك وهو في كتاب، ومجىء إلا بمعنى الواو ذهب إليه الأخفش من البصريين والفراء من الكوفيين.


الصفحة التالية
Icon