وخرج على أنه نوى مضاف إليه والتقدير ولا أصغره ولا أكبره، و﴿ مّن ذلك ﴾ ليس متعلقاً بأفعل بل هو تبيين لأنه لما حذف المضاف إليه أبهم لفظاً فبين بقوله تعالى من ذلك أي أعني من ذلك، ولا يخفى أنه توجيه شذوذ.
﴿ لِيَجْزِىَ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات ﴾ متعلق بقوله سبحانه ﴿ لَتَأْتِيَنَّكُمْ ﴾ على أنه علة له وبيان لمقتضى اتيانها فهو من تتمة المقسم عليه، فحاصل الكلام أن الحكمة تقتضي إثباتها والعلم البالغ المحيط بالغيب وجميع الجزئيات جليها وخفيها حاصل والقدرة المقتضية لا يجاد العالم وما فيه وجعله نعمة على ما مر فقد تم المقتضى وارتفع المانع فليس في الآية اكتفاء في الرد بمجرد اليمين، واستظهر في البحر تعلقه بلا يعزب.
وذهب إليه أبو البقاء.
وتعقب بأن علمه تعالى ليس لأجل الجزاء، وقيل متعلق بمتعلق ﴿ فِى كتاب ﴾ [ سبأ : ٣ ] وهو كما ترى.
﴿ أولئك ﴾ إشارة إلى الموصول من حيث اتصافه بما في حير الصلة، وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلتهم في الفضل والشرف أي أولئك الموصوفون بالإيمان وعمل الأعمال الصالحات ﴿ لَهُمْ ﴾ بسبب ذلك ﴿ مَغْفِرَةٍ ﴾ لما فرط منهم من بعض فرطات قلما يخلو عنها البشر ﴿ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ حسن لا تعب فيه ولا من عليه.
﴿ والذين سَعَوْاْ فِى ءاياتنا ﴾ بالقدح فيها وصد الناس عن التصديق بها ﴿ معاجزين ﴾ أي مسابقين يحسبون أنهم يفوتوننا قاله قتادة، وقال عكرمة : مراغمين، والقال ابن زيد : مجاهدين في إبطالها.
وقرأ جمع ﴿ معاجزين ﴾ مخففاً، وابن كثير.
وأبو عمرو.
والجحدري.
وأبو السمال مثقلاً، قال ابن الزبير : أي مثبطين عن الإيمان من اراده مدخلين عليه العجز في نشاطه، وقيل معجزين قدرة الله عز وجل في زعمهم.


الصفحة التالية
Icon