فصل


قال الفخر :
﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ﴾
وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
قرىء ﴿ولسليمان الريح﴾ بالرفع وبالنصب وجه الرفع ولسليمان الريح مسخرة أو سخرت لسليمان الريح ووجه النصب ولسليمان سخرنا الريح وللرفع وجه آخر وهو أن يقال معناه :﴿ولسليمان الريح﴾ كما يقال لزيد الدار، وذلك لأن الريح كانت له كالمملوك المختص به يأمرها بما يريد حيث يريد.
المسألة الثانية :
الواو للعطف فعلى قراءة الرفع يصير عطفاً لجملة إسمية على جملة فعلية وهو لا يجوز أولا يحسن فكيف هذا فنقول لما بين حال داود كأنه تعالى قال ما ذكرنا لداود ولسليمان الريح، وأما على النصب فعلى قولنا :﴿وَأَلَنَّا لَهُ الحديد﴾ كأنه قال : وألنا لداود الحديد وسخرنا لسليمان الريح.
المسألة الثالثة :
المسخر لسليمان كانت ريحاً مخصوصة لا هذه الرياح، فإنها المنافع عامة في أوقات الحاجات ويدل عليه أنه لم يقرأ إلا على التوحيد فما قرأ أحد الرياح.
المسألة الرابعة :
قال بعض الناس : المراد من تسخير الجبال وتسبيحها مع داود أنها كانت تسبح كما يسبح كل شيء ﴿وَإِن مّن شَيْء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ﴾ [ الإسراء : ٤٤ ]، وكان هو عليه السلام يفقه تسبيحها فيسبح، ومن تسخير الريح أنه راض الخيل وهي كالريح وقوله :﴿غُدُوُّهَا شَهْرٌ﴾ ثلاثون فرسخاً لأن من يخرج للتفرج في أكثر الأمر لا يسير أكثر من فرسخ ويرجع كذلك، وقوله في حق داود :﴿وَأَلَنَّا لَهُ الحديد﴾ وقوله في حق سليمان :﴿وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ القطر﴾ أنهم استخرجوا تذويب الحديد والنحاس بالنار واستعمال الآلات منهما والشياطين أي أناساً أقوياء وهذا كله فاسد حمله على هذا ضعف اعتقاده [ و ] عدم اعتماده على قدرة الله والله قادر على كل ممكن وهذه أشياء ممكنة.
المسألة الخامسة :


الصفحة التالية
Icon