أقول قوله تعالى :﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودُ الجبال﴾ [ الأنبياء : ٧٩ ] وقوله :﴿ولسليمان الريح عَاصِفَةً﴾ [ الأنبياء : ٨١ ] لو قال قائل ما الحكمة في أن الله تعالى قال في الأنبياء :﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودُ الجبال﴾ وفي هذه السورة قال :﴿ياجبال أَوّبِي مَعَهُ﴾ [ سبأ : ١٠ ] وقال في الريح هناك وههنا :﴿ولسليمان﴾ تقول الجبال لما سبحت شرفت بذكر الله فلم يضفها إلى داود بلام الملك بل جعلها معه كالمصاحب، والريح لم يذكر فيها أنها سبحت فجعلها كالمملوكة له وهذا حسن وفيه أمر آخر معقول يظهر لي وهو أن على قولنا :﴿أَوّبِي مَعَهُ﴾ سيري فالجبل في السير ليس أصلاً بل هو يتحرك معه تبعاً، والريح لا تتحرك مع سليمان بل تحرك سليمان مع نفسها، فلم يقل الريح مع سليمان، بل سليمان كان مع الريح ﴿وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ القطر﴾ أي النحاس ﴿وَمِنَ الجن﴾ أي سخرنا له من الجن، وهذا ينبىء عن أن جميعهم ما كانوا تحت أمره وهو الظاهر.