وقيل : إن الآية هي الجنتان، كانت المرأة تمشي فيهما وعلى رأسهما مِكتل فيمتلىء من أنواع الفواكه من غير أن تمسها بيدها ؛ قاله قتادة.
وروي أن الجنتين كانتا بين جبلين باليمن.
قال سفيان : وُجد فيهما قصران مكتوب على أحدهما : نحن بنينا سَلْحِين في سبعين خريفاً دائبين، وعلى الآخر مكتوب : نحن بنينا صِرْواح، مَقِيل ومَراح ؛ فكانت إحدى الجنتين عن يمين الوادي والأخرى عن شماله.
قال القشيريّ : ولم يرد جنتين اثنتين بل أراد من الجنتين يَمنة ويَسرة ؛ أي كانت بلادهم ذات بساتين وأشجار وثمار ؛ تستتر الناس بظلالها.
﴿ كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ ﴾ أي قيل لهم كلوا، ولم يكن ثمّ أمر، ولكنهم تمكنوا من تلك النعم.
وقيل : أي قالت الرسل لهم قد أباح الله تعالى لكم ذلك ؛ أي أباح لكم هذه النعم فاشكروه بالطاعة.
﴿ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ ﴾ أي من ثمار الجنتين.
﴿ واشكروا لَهُ ﴾ يعني على ما رزقكم.
﴿ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ ﴾ هذا كلام مستأنف ؛ أي هذه بلدة طيبة أي كثيرة الثمار.
وقيل : غير سبخة.
وقيل : طيبة ليس فيها هوام لطيب هوائها.
قال مجاهد : هي صنعاء.
﴿ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴾ أي والمنعم بها عليكم ربّ غفور يستر ذنوبكم، فجمع لهم بين مغفرة ذنوبهم وطيب بلدهم ولم يجمع ذلك لجميع خلقه.
وقيل : إنما ذكر المغفرة مشيراً إلى أن الرزق قد يكون فيه حرام.
وقد مضى القول في هذا في أوّل "البقرة".
وقيل : إنما امتَنّ عليهم بعفوه عن عذاب الاستئصال بتكذيب من كذبوه من سالف الأنبياء إلى أن استداموا الإصرار فاستؤصلوا.
قوله تعالى :﴿ فَأَعْرَضُواْ ﴾ يعني عن أمره واتباع رسله بعد أن كانوا مسلمين.
قال السُّدّي ووهب : بعث إلى أهل سبأ ثلاثة عشر نبيًّا فكذبوهم.
قال القُشيرِيّ : وكان لهم رئيس يلقّب بالحمار، وكانوا في زمن الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم.
وقيل : كان له ولد فمات فرفع رأسه إلى السماء فبزق وكفر ؛ ولهذا يقال : أكفر من حمار.


الصفحة التالية
Icon