وقرأ الجمهور ﴿ مساكنهم ﴾ جمعاً أي في مواضع سكناهم ﴿ ءايَةً ﴾ أي علامة دالة بملاحظة أخواتها السابقة واللاحقة على وجود الصانع المختار وأنه سبحانه قادر على ما يشاء من الأمور العجيبة مجاز للمحسن والمسيء وهي اسم كان وقوله تعالى :﴿ جَنَّتَانِ ﴾ بدل منها على ما أشار إليه الفراء وصرح به مكي وغيره، وقال الزجاج : خبر مبتدأ محذوف أي هي جنتان ولا يشترط في البدل المطابقة أفراداً وغيره وكذا الخبر إذا كان غير مشتق ولم يمنع المعنى من اتحاده مع المبتدا ؛ ولعل وجه توحيد الآية هنا مثله في قوله تعالى :﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ءايَةً ﴾ [ المؤمنون : ٠ ٥ ] ولا حاجة إلى اعتبار مضاف مفرد محذوف هو البدل أو الخبر في الحقيقة أي قصة جنتين، وذهب ابن عطية بعد أن ضعف وجه البدلية ولم يذكر الجهة إلى أن ﴿ جَنَّتَانِ ﴾ مبتدأ خبره قوله تعالى :﴿ عِينٌ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ﴾ ولا يظهر لأنه نكرة لا مسوغ للابتداء بها إلا أن اعتقد أن ثم صفة محذوفة أي جنتان لهم أو جنتان عظيمتان وعلى تقدير ذلك يبقى الكلام متفلتاً عما قبله.


الصفحة التالية
Icon