ولم يبين أئمة اللغة وجه هذا الإِبدال ولعله لكون الكلمة بنيت على حرف واحد وألف هي مَدّة الفتحة فكان النطق بالهاء بعدهما ثقيلاً في حال الوقف، ثم لما ثنّوْها ردُّوها إلى أصلها لأن التثنية تردُّ الأشياء إلى أصولها فقالوا : ذَوَاتَا كذا، وحذفت النون للزوم إضافته، وأصله : ذَوَيات.
فقلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، ووزنه فَعَلَتَان وصار وزنه بعد القلب فعاتان وإذا جمعوها عادوا إلى الحذف فقالوا ذوات كذا بمعنى صاحبتات، وأصله ذويات فقلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، فأصل وزن ذوات فَعَلاَت ثم صار وزنه بعد القلب فَعَات، وهو مما أُلحق بجمع المؤنث السالم لأن تاءه في المفرد أصلها هاء، وأما تاؤه في الجمع فهي تاء صارت عوضاً عن الهاء التي في المفرد على سُنة الجمع بألف وتاء.
ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (١٧)
استئناف بياني ناشىء عن قوله :﴿ فأرسلنا عليهم سيل العرم ﴾ [ سبأ : ١٦ ] فهو من تمام الاعتراض.
واسم الإِشارة يجوز أن يكون في محل نصب نائباً عن المفعول المطلق المبيِّن لنوع الجزاء، وهو من البيان بطريق الإِشارة، أي جزيناهم الجزاء المشار إليه وهو ما تقدم من التبديل بجَنَّتَيْهم جنتين أخريين.
وتقديمه على عامله للاهتمام بشدة ذلك الجزاء.
واستحضاره باسم الإِشارة لما فيها من عظمة هوله.
ويجوز أن يكون اسم الإِشارة في محل رفع بالابتداء وتكون الإِشارة إلى ما تقدم من قوله :﴿ فأرسلنا عليهم سيل العرم ﴾ إلى قوله :﴿ من سدر قليل ﴾ [ سبأ : ١٦ ] ويكون جملة ﴿ جزيناهم ﴾ خبرَ المبتدأ والرابط ضمير محذوف تقديره : جزيناهموه.
والباء في ﴿ بما كفروا ﴾ للسبيبة و ( ما ) مصدرية، أي بسبب كفرهم.
والكفر هو الكفر بالله، أي إنكار إلهيته لأنهم عبَدةُ الشمس.
والاستفهام في ﴿ وهل يجازى ﴾ إنكاري في معنى النفي كما دل عليه الاستثناء.


الصفحة التالية
Icon