وقال ابن عطية :
وقوله تعالى :﴿ قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله ﴾ الآية،
آية تعجيز وإقامة حجة، ويروى أن ذلك نزل عند الجوع الذي أصاب قريشاً، والجمهور على " قلُ ادعوا " بضم اللام وروى عباس عن أبي عمرو " قلِ ادعوا " بكسر اللام، وقوله ﴿ الذين ﴾ يريد الملائكة والأصنام وذلك أن قريشاً والعرب كان منهم من يعبد الملائكة، ومنهم من يقول نعبدها لتشفع لنا ونحو هذا، فنزلت هذه الآية معجزة لكل منهم، ثم جاء بصفة هؤلاء الذين يدعونهم آلهة من أنهم ﴿ لا يملكون ﴾ ملك الاختراع ﴿ مثقال ذرة ﴾ في السماء ﴿ ولا في الأرض ﴾ وأنهم لا شرك لهم فيهما وهذان فيهما نوعا الملك إما استبداداً وإما مشاركة، فنفى عنهم جميع ذلك، ونفى أن يكون منهم لله تعالى معين في شيء من قدرته و" الظهير " المعين، ثم تقرر في الآية بعد أن الذين يظنون أنهم يشفعون لهم لا تصح منه شفاعة لهم إذ هؤلاء كفرة ولا يأذن الله تعالى في الشفاعة في كافر.
وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٢٣)
المعنى أن كل من دعوتم إلهاً من دون الله لا يملكون مثقال ذرة ولا تنفع شفاعتهم إلا بإذن فيمن آمن، فكأنه قال ولا هم شفعاء على الحد الذي ظننتم أنتم واختلف المتأولون في قوله تعالى :﴿ إلا لمن أذن له ﴾ فقالت فرقة معناه ﴿ لمن أذن لهم ﴾ أن يشفع، فيه، وقالت فرقة معناه ﴿ لمن أذن له ﴾ أن يشفع هو.