وقال الحسن : لما أهبط آدم عليه السلام من الجنة ومعه حوّاء وهبط إبليس قال إبليس : أمّا إذ أصبتُ من الأبوين ما أصبت فالذرية أضعف وأضعف! فكان ذلك ظناً من إبليس، فأنزل الله تعالى :﴿ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ ﴾.
وقال ابن عباس : إن إبليس قال : خُلقت من نار وخُلق آدم من طين والنار تحرق كل شيء ﴿ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [ الإسراء : ٦٢ ] فصدق ظنه عليهم.
وقال زيد بن أسلم : إن إبليس قال يا رب أرأيت هؤلاء الذين كرمتهم وشرّفتهم وفضّلتهم عليّ لا تجد أكثرهم شاكرين، ظناً منه فصدق عليهم إبليس ظنه.
وقال الكلبي : إنه ظن أنه إن أغواهم أجابوه وإن أضلهم أطاعوه، فصدق ظنه.
﴿ فاتبعوه ﴾ قال الحسن : ما ضربهم بسوط ولا بعصا وإنما ظن ظناً فكان كما ظن بوسوسته.
﴿ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ المؤمنين ﴾ نصب على الاستثناء، وفيه قولان : أحدهما أنه يراد به بعض المؤمنين، لأن كثيراً من المؤمنين من يذنب وينقاد لإبليس في بعض المعاصي، أي ما سلم من المؤمنين أيضاً إلا فريق وهو المعني بقوله تعالى :
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾ [ الإسراء : ٤٢ ].
فأما ابن عباس فعنه أنه قال : هم المؤمنون كلهم، ف"من" على هذا للتبيين لا للتبعيض، فإن قيل : كيف علم إبليس صدق ظنه وهو لا يعلم الغيب؟ قيل له : لما نفذ له في آدم ما نفذ غلب على ظنه أنه ينفذ له مثل ذلك في ذريته، وقد وقع له تحقيق ما ظن.


الصفحة التالية
Icon