مآرب عفى عليها العرم
رجام بنته لهم حمير...
إذا جاش دفاعه لم يرم
فأروى الزروع وأشجارها...
على سعة ماؤه إذ قسم
فصاروا أيادي لا يقدرو...
ن منه على شرب طفل فطم
وقال آخر :
ومن سبأ للحاضرين مآرب...
إذا بنوا من دونه سيل العرم
وقال ابن عباس، وقتادة، والضحاك : العرم اسم، وإن ذلك الماء بعينه الذي كان السد بني به. انتهى.
ويمكن أن يسمى الوادي بذلك البناء لمجاروته له، فصار علماً عليه.
وقال ابن عباس أيضاً : العرم : الشديد، فاحتمل أن يكون صفة للسيل أضيف فيه الموصوف إلى صفته، والتقدير : السيل العرم، أو صفة لموصوف محذوف، أي سيل المطر الشديد الذي كان عنه السيل، أو سيل الجرذ العرم، فالعرم صفة للجرذ.
وقيل : العرم اسم للجرذ، وأضيف السيل إليه لكونه كان السبب في خراب السد الذي حمله السيل، والإضافة تكون بأدنى ملابسة.
وقرأ عروة بن الورد فيما حكى ابن خالويه : العرم، بإسكان الراء تخفيف العرم، كقولهم : في الكبد الكبد.
ولما غرق من غرق، ونجا من نجا، تفرقوا وتحرفوا حتى ضربت العرب بهم المثل فقالوا : تفرقوا أيدي سبأ وأيادي سبأ، قيل : الأوس والخزرج منهم.
وعن ابن عباس : كان سيل ذلك الوادي يصل إلى مكة وينتفع به، وكان سيل العرم في ملك ذي الأذعار بن حسان، في الفترة بين عيسى ونبينا ( ﷺ ). انتهى.
ودخلت الباء في ﴿ بجنتيهم ﴾ على الزائل، وانتصب ما كان بدلاً، وهو قوله :﴿ جنتين ﴾ على المعهود في لسان العرب، وإن كان كثيراً لمن ينتمي للعلم يفهم العكس حتى قال بعضهم : ولو أبدل ضاداً بظاء لم تصح صلاته، وهو خطأ في لسان العرب، ولو أبدل ظاء بضاد، وقد تكلمنا على ذلك في البقرة في قوله :﴿ ومن يتبدل الكفر بالايمان ﴾ وسمى هذا المعوض جنتين على سبيل المقابلة، لأن ما كان فيه خمط وأثل وسدر لا يسمى جنة، لأنها أشحار لا يكاد ينتفع بها.


الصفحة التالية
Icon