فدخلت الحديقة فإذا الشجر من غير ريح يتكفى قال : ما ترين في ذلك؟ قالت : هي داهية دهياء من أمور جسيمة ومصايب عظيمة قال : وما هو ويلك؟ قالت : أجل وإن فيه الوليل ومالك فيه من نيل وإن الويل فيما يجىء به السيل فالقى عمرو عن فراشه وقال : ما هذا يا طريقة؟ قالت : خطب جليل وحزن طويل وخلف قليل قال : وما علامة ما تذكرين؟ قالت : اذهب إلى السد فإذا رأيت جرذاً يكثر بيديه في السد الحفر ويقلب برجليه من أجل الصخر فاعلم أن الغمر عمر وأنه قد وقع الأمر قال : وما الذي تذكرين؟ قالت : وعد من الله تعالى نزل وباطل بطل ونكال بنا نكل فبغيرك يا عمرو يكون الثكل فانطلق عمرو فإذا الجرذ يقلب برجليه صخرة ما يقلها خمسون رجلاً فرجع وهو يقول :
أبصرت أمراً عادني منه ألم...
وهاج لي من له برح السقم
من جرذ كفحل خنزير الأجم...
أو كبش صرم من أفاويق الغنم
يسحب قطراً من جلاميد العرم...
له مخاليب وأنياب قضم
ما فاته سحلاً من الصخر قصم...