﴿ قُل لاَّ تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ وهذا أبلغُ في الإنصافِ وأبعدُ من الجَدَلِ والاعتسافِ حيثُ أسند فيه الإجرامُ وإنْ أُريد به الزَّلَّةُ وتركُ الأولى إلى أنفسهم، ومطلقُ العمل إلى المخاطبين مع أنَّ أعمالهم أكبرُ الكبائرِ ﴿ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ﴾ يومَ القيامةِ عند الحشرِ والحسابِ ﴿ ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بالحق ﴾ أي يحكمُ بيننا ويفصلُ بعد ظهورِ حالِ كلَ منّا ومنكم بأن يدخل المحقِّين الجنة والمبطلين النار. ﴿ وَهُوَ الفتاح ﴾ الحاكم الفيصلُ في القضايا المتعلِّقةِ ﴿ العليم ﴾ بما ينبغي أنْ يُقضى به ﴿ قُلْ أَرُونِىَ الذين أَلْحَقْتُمْ ﴾ أي ألحقتمُوهم ﴿ بِهِ شُرَكَاء ﴾ أُريد بأمرهم بإراءةِ الأصنامِ مع كونها بمرأى منه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ إظهار خطئِهم العظيمِ وإطلاعهم على بُطلانِ رأيهم أي أَرُونيها لأنظرَ بأيِّ صفةٍ ألحقتُموها بالله الذي ليسَ كمثلِه شيءٌ في استحقاقِ العبادةِ، وفيه مزيدُ تبكيتٍ لهم بعد إلزامِ الحجَّةِ عليهم ﴿ كَلاَّ ﴾ ردعٌ لهم عن المشاركةِ بعد إبطالِ المقايسةِ ﴿ بَلْ هُوَ الله العزيز الحكيم ﴾ أي الموصوفُ بالغلبةِ القاهرةِ والحكمةِ الباهرةِ فأينَ شركاؤكم التي هي أخسُّ الأشياءِ وأذلُّها من هذه الرُّتبةِ العاليةِ، والضَّميرُ إمَّا لله عزَّ وعَلاَ أو للشَّأنِ كما في ﴿ قُلْ هُو الله أحدٌ ﴾. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon