وقال الآلوسى :
﴿ قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مّنَ السماوات والأرض ﴾
أمر ﷺ أن يقول ذلك تبكيتاً للمشركين بحملهم على الإقرار بأن آلهتهم لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وإن الرزاق هو الله عز وجل فإنهم لا ينكرونه وحيث كانوا يتلعثمون أحياناً في الجواب مخافة الإلزام قيل له عليه الصلاة والسلام ﴿ قُلِ الله ﴾ إذ لا جواب سواه عندهم أيضاً ﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لعلى هُدًى أَوْ فِى ضلال مُّبِينٍ ﴾ أي وإن أحد الفريقين منا معشر الموحدين المتوحد بالرزق والقدرة الذاتية العابدية وحده عز وجل ومنكم فرقة المشركين به العاجزين في أنفسهم عن دفع أدنى ضر وجلب أحقر نفع وفيهم النازل إلى أسفل المراتب الإمكانية المتصفون بأحد الأمرين من الاستقرار على الهدى والانغماس في الضلال، وهذا من الكلام المنصف الذي كل من سمعه من ماول أو مناف قال لمن خوطب به : قد انصفك صاحبك، وفي درجة بعد تقدمه ما قدم من التقرير البليغ دلالة ظاهرة على من هو من الفريقين على هدى ومن هو في ضلال ولكن التعريض أبلغ من التصريح وأوصل بالمجادل إلى الغرض وأهجم به على الغلبة مع قلة شغب الخصم وفل شوكته بالهوينا، ونحوه قول الرجل لصاحبه قد علم الله تعالى الصادق مني ومنك وإن أحدنا لكاذب، ومنه قول حسان يخاطب أبا سفيان بن حرب وكان قد هجا رسول الله ﷺ قبل أن يسلم :
أتهجوه ولست له بكفىء...
فشركما لخيركما الفداء
وقول أبي الأسود :
يقول الارذلون بنو قشير...
طوال الدهر لا تنسى عليا
بنو عم النبي وأقربوه...
أحب الناس كلهم اليا
فإن يك حبهم خيراً أصبه...
ولست بمخطىء إن كان غيا
وذهب أبو عبيدة إلى أن أو بمعنى الواو كما في قوله :
سيان كسر رغيفه...
أو كسر عظم من عظامه