فصل


قال الفخر :
ثم قال تعالى :﴿وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لَن نُّؤْمِنَ بهذا القرءان وَلاَ بالذي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾
لما بين الأمور الثلاثة من التوحيد والرسالة والحشر وكانوا بالكل كافرين بين كفرهم العام بقوله :﴿وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لَن نُّؤْمِنَ بهذا القرءان﴾ وذلك لأن القرآن مشتمل على الكل وقوله :﴿وَلاَ بالذي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ المشهور أنه التوراة والإنجيل، وعلى هذا فالذين كفروا المراد منهم المشركون المنكرون للنبوات والحشر، ويحتمل أن يقال إن المعنى هو أنا لا نؤمن بالقرآن أنه من الله ولا بالذي بين يديه أي ولا بما فيه من الإخبارات والمسائل والآيات والدلائل، وعلى هذا فالذين كفروا المراد منهم العموم، لأن أهل الكتاب لم يؤمنوا بالقرآن أنه من الله ولا بالذي فيه من الرسالة وتفاصيل الحشر، فإن قيل : أليس هم مؤمنون بالوحدانية والحشر، فنقول إذا لم يصدق واحد ما في الكتاب من الأمور المختصة به يقال فيه إنه لم يؤمن بشيء منه وإن آمن ببعض ما فيه لكونه في غيره فيكون إيمانه لا بما فيه.
مثاله : أن من يكذب رجلاً فيما يقوله فإذا أخبره بأن النار حارة لا يكذبه فيه ولكن لا يقال إنه صدقه لأنه إنما صدق نفسه، فإنه كان عالماً به من قبل وعلى هذا فقوله بين يديه أي الذي هو مشتمل عليه من حيث إنه وارد فيه.
وقوله تعالى :﴿وَلَوْ ترى إِذِ الظالمون مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ القول يَقُولُ الذين استضعفوا لِلَّذِينَ استكبروا لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ﴾.


الصفحة التالية
Icon