لما وقع اليأس من إيمانهم في هذه الدار بقولهم لن نؤمن فإنه لتأييد النفي وعد نبيه عليه الصلاة والسلام بأنه يراهم على أذل حال موقوفين للسؤال يرجع بعضهم إلى بعض القول كما يكون عليه حال جماعة أخطؤا في أمر يقول بعضهم كان ذلك بسببك ويرد عليه الآخر مثل ذلك، وجواب لو محذوف، تقديره : ولو ترى إذ الظالمون موقوفون لرأيت عجباً، ثم بدأ بالأتباع لأن المضل أولى بالتوبيخ فقال :﴿يَقُولُ الذين استضعفوا لِلَّذِينَ استكبروا لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ﴾ إشارة إلى أن كفرهم كان لمانع لا لعدم المقتضى لأنهم لا يمكنهم أن يقولوا ما جاءنا رسول، ولا أن يقولوا قصر الرسول، وهذا إشارة إلى إتيان الرسول بما عليه لأن الرسول لو أهمل شيئاً لما كانوا يؤمنون ولولا المستكبرون لآمنوا.
قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (٣٢)
رداً لما قالوا إن كفرنا كان لمانع ﴿أَنَحْنُ صددناكم عَنِ الهدى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ﴾ يعني المانع ينبغي أن يكون راجحاً على المقتضى حتى يعمل عمله، والذي جاء به هو الهدى، والذي صدر من المستكبرين لم يكن شيئاً يوجب الامتناع من قبول ما جاء به فلم يصح تعليلكم بالمانع، ثم بين أن كفرهم كان إجراماً من حيث إن المعذور لا يكون معذوراً إلا لعدم المقتضى أو لقيام المانع ولم يوجد شيء منهما.
ثم قال تعالى :﴿وَقَالَ الذين استضعفوا لِلَّذِينَ استكبروا بَلْ مَكْرُ الليل والنهار إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بالله وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً ﴾.


الصفحة التالية
Icon