لما ذكر المستكبرون أنا ما صددناكم وما صدر منا ما يصلح مانعاً وصارفاً اعترف المستضعفون به وقالوا :﴿بَلْ مَكْرُ الليل والنهار﴾ منعنا، ثم قالوا لهم إنكم وإن كنتم ما أتيتم بالصارف القطعي والمانع القوي ولكن انضم أمركم إيانا بالكفر إلى طول الأمد والامتداد في المدد فكفرنا فكان قولكم جزء السبب، ويحتمل وجهاً آخر وهو أن يكون المراد بل مكركم بالليل والنهار فحذف المضاف إليه.
وقوله :﴿إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بالله﴾ أي ننكره ﴿وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً﴾ هذا يبين أن المشرك بالله مع أنه في الصورة مثبت لكنه في الحقيقة منكر لوجود الله لأن من يساويه المخلوق المنحوت لا يكون إلهاً، وقوله في الأول :﴿يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ القول﴾ يقول الذين استضعفوا بلفظ المستقبل، وقوله في الآيتين المتأخرتين ﴿وَقَالَ الذي استكبروا، وَقَالَ الذي استضعفوا﴾ بصيغة الماضي مع أن السؤال والتراجع في القول لم يقع إشارة إلى أن ذلك لا بد وأن يقع، فإن الأمر الواجب الوقوع يوجد كأنه وقع، ألا ترى إلى قوله تعالى :﴿إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ﴾ [ الزمر : ٣٠ ].
ثم قال تعالى :﴿وَأَسَرُّواْ الندامة لَمَّا رَأَوُاْ العذاب وَجَعَلْنَا الأغلال فِى أَعْنَاقِ الذين كَفَرُواْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾.


الصفحة التالية
Icon