وقال أبو السعود :
﴿ وَمَا أرسلناك إِلاَّ كَافَّةً لّلنَّاسِ ﴾
أي إلا إرسالةً عامَّةً لهم فإنَّها إذا عمَّتهم فقد كفتْهمِ أنْ يخرجَ منها أحدٌ منهم أو إلا جامعاً لهم في الإبلاغِ فهو حالٌ من الكافِ والتَّاءِ للمُبالغةِ ولا سبيلَ إلى جعلِها حالاً من النَّاسِ لاستحالةِ تقدُّمِ الحالِ على صاحبها المجرورِ ﴿ بَشِيراً وَنَذِيراً ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ ذلك فيحملُهم جهلُهم على ما هُم عليهِ من الغيِّ والضَّلالِ ﴿ وَيَقُولُونَ ﴾ من فرطِ جهلِهم وغايةِ غيِّهم ﴿ متى هذا الوعد ﴾ بطريقِ الاستهزاءِ يعنون به المبشَّر به والمنذَر عنه أو الموعود بقوله تعالى :﴿ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا ﴾ ﴿ إِن كُنتُمْ صادقين ﴾ مخاطِبين لرَّسولِ الله ﷺ والمؤمنين به ﴿ قُل لَّكُم مّيعَادُ يَوْمٍ ﴾ أي وعدُ يومٍ أو زمانٍ وعدٍ والإضافة للتبيِّينِ وقُرىء ميعادٌ يومٌ منَّونينِ على البدل ويوماً بإضمارِ أعني للتَّعظيم ﴿ لاَّ تَسْتَئَخِرُونَ عَنْهُ ﴾ عند مفاجأتِه ﴿ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ ﴾ صفةً لميعادُ وفي هذا الجواب من المبالغةِ في التَّهديدِ ما لا يخفى حيثُ جعل الاستئخارَ في الاستحالةِ كالاستقدامِ الممتنعِ عقلاً وقد مرَّ بيانُه مراراً ويجوزُ أنْ يكونَ نفيُ الاستئخار والاستقدامِ غيرَ مقيَّدٍ بالمُفاجأة فيكون وصفُ الميعادِ بذلك لتحقيقِه وتقريرِه. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٧ صـ ﴾