أمر الله جل وعلا نبيه في هذه الآية الكريمة أن يقول لعبده الأوثان : أروني أوثانكم التي ألحقتموها بالله شركاء له في عبادته، كُفراً منكم، وشِركاً وافتراء. وقوله : أروني الذين ألحقتم به شركاء، لأنهم إن أروه إياها تبيّن برؤيتها أنها جماد لا ينفع ولا يضر، واتَّضح بعدها عن صفات الألوهية. فظهر لكل عاقل برؤيتها بطلان عبادة ما لا ينفع ولا يضرّ، فإحضارها والكلام فيها، وهي مشاهدة أبلغ من الكلام فيها غائبة، مع أنه ﷺ يعرفها، وكما أنه في هذه الآية الكريمة أمرهم. أن يروه إياها ليتبيّن بذلك بطلان عبادتها، فقد أمرهم في آيات أخرى أن يسمّوها بأسمائها لأنّ تسميتها بأسمائها يظهر بها بعدها عن صفات الألوهية، وبطلان عبادتها لأنها أسماء إناث حقيرة كاللاّت والعزّى، ومناة الثالثة الأخرى، كما قال تعالى :﴿ إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً ﴾ [ النساء : ١١٧ ] الآية، وذلك في قوله تعالى :﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ على كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأرض أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ القول بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ السبيل وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [ الرعد : ٣٣ ].


الصفحة التالية
Icon